طريق غيابك
إستفان فاركاس (1887-1944) رسام مجري
- الأحد 1 أيلول 2024
في هذه القصيدة
لغة عرجاء ومجاز مثقوب
وحبر مراق على صدور الهوامش
ستعثرين أيضاً على
أذن "فان جوخ" التي قطعها
حين تمكنت الوحدة من بتر قلبه
وعلى مسدس قديم
لم يحترم رغبته بانتحار سريع وموت رحيم
ستشعرين بمناقير البجع
وهي تنقر رأس "تشايكوفسكي"
ليبوح بموسيقاه التي كتبها على وجه بحيرة
فشلت في إخفاء أنوثتها أمام أصابعه
ستبصرين من عيني أبي العلاء المعري كيف يصير العمى زنزانة منفردة
بآلاف النوافذ التي تطل على الخراب.
في هذه القصيدة
ضباب ينازع الوضوح على عرش اليقين
رماد يتلعثم بقراءة آخر حريق
وشارع فارغ يطعن بوحشته خاصرة الرصيف
ستسمعين آخر صوت
عجز "بيتهوفن" عن تأويل صداه
ليعزف ما تبقى من عمره على مقام الصمم
ستدركين أن رصاصة واحدة
لم تكن كافية ليقتل بها "همنغواي"
شيخاً مصراً على النجاة وبحراً مداناً بالغرق
فأطلقها بكل يأس على رأسه
ليحدث ثقباً تشرق الشمس منه أيضاً
وستمسحين الندم عن وجنتي نهر
أقنع "فيرجينيا وولف"
بأن الوصول إلى الأعماق سيكون أسرع
وأن الخلاص من أثر مريب على الحائط
سيكون أسهل بكثير
حين تضع حجارة في معطفها
كي لا تحجز لها الكآبة
ركناً منسياً في غرفة يعقوب.
في هذه القصيدة
عينان تحرسان غفوة الليل في أحضان كحلك
يدان تحفظان طقوس العصافير حول خصرك
وقلب يدرب نبضه على التقاط ضوء
يحاول تقليد الصباح في ضحكتك
سيغريك ظل أسمر
يلقن سبع عواصم درساً رقيقاً في اختصار المسافات
سيمد فرات عاري الضفاف شغفه
ليعانق ما تيسر من ظباء
ترقص ثملة من بلاغة النبيذ في غمازتيك
وستسري في دمك قشعريرة خاطفة
حين ينجو من هذا الحطام كله
رجل واحد فقط
حاول في هذه القصيدة
أن يزرع الشوك في طريق غيابك.