لا أستطيع الوقوف
إبراهيم الحسون - فنان سوري
- السبت 18 حزيران 2022
لستُ مخموراً يا الله
وأعي ما أقول
أنا مُستيقظٌ أكثر منهم.. وصادق..
تقيأتُ حزني فوق الطاولة
لا أستطيع الوقوف
وكل ما أردته أن أجد مكاناً هادئاً للنوم..
المقهى الغريب
الذي تعُّج طاولاته من حولي بالملائكة الغرباء
يسّجلون كل حركة..
"لا نقدم سوى القهوة.. مع السلامة"
قال صاحب المقهى..
الإمام أوصى خادم الجامع ألا أدخل
بعد أن وشى بي ملائكة الله
قال الخادم: لا يدخُله إلا المُطهّرون..
في الكنيسة قال أبونا: أنا آسف
تعاليم الكنيسة واضحة يا بني
لو كان الشراب نبيذاً فلا بأس
لكننا لا نُفّضل الويسكي..
في المدرسة
طردني الآذن من على الباب
بحجة أني سأضع السم في مناهجهم الدراسية
"يا صديقي.. التاريخ مسمومٌ مسموم"
وغادرت..
في المقبرة طردني الأموات
لأني أسعل كثيراً وأتبوّل على السور
في مترو الأنفاق هاجمني المشردون
كي لا آخذ حصتهم من عطف المسافرين
في الماخور.. أشفقت عليّ المومس
لم تأخذ مني إكرامية
وأعطتني خمس دقائق إضافية
لكنني نمت فأيقظتني
بحجة أن قوّادها سيضربها ويضربني إن بقيت..
البلدية والحديقة والمستشفيات ووو...
كلهم طردوني من رحمتهم
وحده النادل المُبتسم من خلف طاولة البار يستمعُ لي
وهو يُجفّف الكؤوس الفارغة بمنديل
من تركني نائماً هنا حتى الصباح..
لستُ مخموراً يا الله
وأعي ما أقول
أنا مُستيقظٌ أكثر منهم.. وصادق..
تقيأتُ حزني فوق الطاولة
لا أستطيع الوقوف
وكل ما أردته أن أجد مكاناً هادئاً للنوم..