روح الكتابة
هبة كلش - فنانة لبنانية، إنترنت.
- السبت 1 حزيران 2019
عندما تشعر بأنه لم يتبقَ كلام لتكتبه، فإن هذا يعني على الأرجح بأنه مازال ثمة أشياء في أعماقك جديرة بالتفكير، وهي أعمق وأصدق من أن تُكتب وتُنقل إلى الورق.
الشيء اللافت والأهم بفعل الكتابة ليس ما يكتبه الشخص فعليّا، وإنّما بالتساؤل الذي يدور حول الشخص وبالدافع الذي يجعله يكتب.
أن أكون كاتباً موهوباً لا يعني بالضرورة أن أكون شخصاً رائعا ًأو لافتاً بكافة الأحوال!
لحظة الكتابة ليست اللحظة الأكثر إلهاماً وصدقاً، وإنما اللحظة الّتي تسبقها هي الأهم، وهي التي يجب أن يحافظ الكاتب عليها عندما ينقل كلماته للورق، لأن ثمّة شيء سيتغير عندما نحسم تفكيرنا بفكرة ما بينما نَهُم بنقلها إلى الورق.
الكتابة لا تغيّر العالم كثيراً، لأن غالبية الكتّاب لا يشبهون لحظتهم تلك التي تسبق الكتابة، لا يشبهون شخصيتهم الحقيقية.
إذ عندما نبدأ بالكتابة تتداخل الرغبة بالاستعراض والتفنّن في عرض الفكرة مع الرغبة في تقديمها بأفضل صورة ممكنة، وهذا بحقيقة الأمر يؤذي الشيء الأساسي الذي نريد أن يكون موجوداً على الورق.
هناك العديد من الكتّاب بارعون في تسويق أنفسهم، يملكون الذكاء الأدبي الذي يجعلهم مشهورون ويفوزون بالجوائز العالمية، ربما، أولئك يملكون الذكاء الذي يجعلهم مرئيون يتمتعون برضا الإعلام ورضا الموروث الأدبي الفكري عليهم ، لكن بحقيقة الأمر لا يملكون جمال الموهبة الأدبية ومتعتها لا يمتلكون الموهبة الحقيقية.
عندما يسعى الكاتب أو المفكر جاهداً لتسويق نفسه تجارياً، لنقل، فإن هذا يعني أنه غير مقتنع بموهبته أو غير موهوب كفاية.
تساؤلي الدائم حول موضوع الكتابة هو سبب لتساؤلي كيف تعلم الإنسان حمل القلم!
إن الصراع الذي يعيشه الفرد برفقة أوهامه وخيالاته وهذاياناته إن دل على شيء فإنما يدل على أن صاحب هذه الاختلاجات إنما هو إنسان وحسب- إنسان يحاول الوصول لإنسان آخر يعيش داخله- لا يعرف عنه شيء ولكنه معجب باحتمال وجوده وبواقع من صنيعته.
لذيذ جدا شعورك بأنك صانع لشيء، وخالق له، هذا بالفعل يمنح معنى لوجودنا.
في كل ما أكتب، لا أرغب بأن أظهر محباً أو متعاطفاً بقدر ما أرغب بأن أظهر كوني شخصاً معقّداً متناقضاً وغامضاً، ولكن بصيغة تعترف بذاتها وبأحقيتها في التقدّم... هذا هو عمق الإنسان وجوهره، بالنسبة لي تبدو تلك الصفات أكثر قرباً من حقيقتي.