الخميس 21 تشرين الثاني 2024 | 12:5 صباحاً بتوقيت دمشق
أحلام عثمان

على جسد الهواء

على جسد الهواء
تفصيل من عمل لـــ فرانك بولينج (1934) فنان بريطاني
  • الأحد 1 أيلول 2024

أريد أن أكتب للسماء رسالة طويلة
طويلة كزغاريد أمهاتٍ يخبزنَ صوتهنّ على تنوّر العمر
كحزنٍ شفيفٍ ينام ويفيق ويتنهّد ولا ينتهي.

أريد أن أعبر المسافة بقفزة واحدة
المسافة ما بين أنّاي والعالم.
أقف على ناصية الخراب،
وأقول: هنا حيث ترَبّى الشّعر
أعِدني إليك أيها الإله.

أريد الحب أن يأتي إليَّ، فارغاً من الذنوب
فارهاً كضوءٍ ينسلّ تحت أثواب في خزائني
تلوّح لجسدٍ مهترئٍ يلبسني.
أريده عارياً يكمّل نقصي.

أنا امرأة لا تُجيد الكتابة،
أومئ بعيني للغيم، فأمطر.

أنا امرأة لا تملك ساقين رشيقتين،
أستعيض بهما حين يحوّطني العجز.

امرأة بدائيّة في الحب،
يمرّ بجانبي كفرح
لا أكاد أمسكه... يصير هباءً.
**
هذه الدنيا صغيرة
فيها العالم
فيه البشر
فيهم دنيا كبيرة
فيها عالم صغير
فيه جِراءٌ وعصافير
فيهما حياة تدّرب النهار على النباح
وتفتح أقفاص صدرها لآخر وهمٍ ل الليل.
**
لا تتزوج امرأة، حُلمها أقصر من حزنك
سوف تتقرّح جروحك ما إن تحاول التّنهد في فمك
لتخبرك عن حلمٍ واحدٍ فقط
لن تستطيع حتّى إنعاش آخرك المُغمى
وستموت وأنت تُحاول.
***
غِبْ أكثر،
ابتعدْ، حيث الموج ينقذفُ متلألئاً
على جسدِ الهواء، كنْ الرّذاذ.

كُنْ عُمقاً مخيفاً
تفسّخاً مرعِباً، ينكمشُ تحتَ أصابعِ العتمة
وينفلتُ في الضّباب.

كُنْ ألماً ..
وحشاً ضريراً يعضُّ الصّوتَ
وحشاً يلتهمُ النّهدات.
غِبْ أكثر،
ابتعدْ، حيثُ الشّفق يُسرفُ في الغياب
كنْ غسقاً تُوسَعُ لرُهابهِ الأحداق.

كُنْ ظلّاً خفيفاً
لوناً رماديّاً، يخونُ الرّؤى بلجّةِ اللّيل

كُن دمعةً غاويةً،
أخاديدَ غائرةً بالحزنِ
كُنْ النّدم، واقترب.