كلاكيت
إيفا جونزاليس (1849 - 1883) فنانة فرنسية
- الأثنين 1 تموز 2024
أصنعُ فيلماً لأحذيتي
المشهدُ الأولُ
عن أولِ حذاءٍ يعيشُ في ذاكرتي
كنتُ في عمرِ السّادسةِ
كان هديةً من عمّي الذي أتى من القاهرةِ
وقرّر لي الدكتورُ العمليةَ
صعدتُ السريرَ دونَهُ وكأنّي تخلّيتُ عن قطعةٍ مني
عدتُ للمنزلِ بفردةٍ والأخرى ضاعتْ في
أروقةِ المشفى
عدتُ أحملُ همّاً ولم أتحدثْ لمدةِ شهرٍ
ورسمةُ حذاءٍ داخلي
*
المشهدُ الثاني
كان في التسعينياتِ
عادَ به أبي من بغدادَ
ودفتراً يحملُ صوراً كثيرةً لدجلةَ والفراتِ
قال: اكتبي ذكرياتٍ
كتبتُ فيه: أمتلكُ الآنَ حذاءً أنثوياً بكعبٍ
أنتقلُ به من عمرِ الطفولةِ إلى صبيةٍ
تحلمُ بالسفرِ
والمشي على أرصفةِ شارعِ المتنبي
*
عندما انقطعَ الحذاءُ ظننتُ أنّي أدخلُ مرحلةَ كهولةِ الحزنِ
*
المشهدُ الثالثُ
في منتصفِ التسعينيات
سلّمتُ ذوقي لمحلٍ يقعُ في منتصفِ شارعِ جمالٍ
يأتي بأحذيتِهِ من مصرَ
كنتُ أشتري أحذيةً داكنةً عمليةً
تتحملُ طقسَ صنعاءَ وغبارَها الدائمَ
وركضي نحو المستقبلِ
أمّا أحذيتي ذاتُ الكعبِ العالي
أتركُها لأروقةِ الانتظارِ
وأنا أمنحُ نفسي الأملَ
*
أكبرُ كعبٍ أرتديهِ
كان في حفلِ تَخرّجي الجامعي
كنتُ أكتملُ بالتّطاولِ نحو الغيومِ
كنتُ أنتظرُ معَهُ أن يمرَّ الوجعُ الذي يتركُهُ الرحيلُ
كنتُ أسابقُ خطواتي
حتى لا أفقدَ السيطرةَ على الوقتِ ... كسندريلا
*
أولُ حذاءٍ أبيضَ أرتديهِ
كان في حفلِ زفافي
تورّمَتْ أقدامي حتى وجدتُهُ
ماأزالُ أحتفظُ به بعد ثلاثةٍ وعشرين عاماً
أراهُ يبتسمُ لي كلّما
رآني على حافةٍ أقتني أحذيةَ الاكتئابِ
*
كلّما غبتُ عن أعينِ زوجي وأولادي
عندَ التّسوّقِ
يبحثون عني عند رفوفِ الأحذيةِ
يضحكونَ وأضحكُ
أقولُ لهم:
أريدُ حذاءً لقلبي حتى لا يتعثرَ
وآخرَ لصرخةِ حنينٍ بداخلي
*
غداً سأحصلُ على حذائي البنيِّ
الذي انتظرتُهُ طويلاً
فأنا على مشارفِ الخمسين
أريدُ أن أكتبَ قصيدةً دونَ خطواتٍ.