السبت 21 كانون الأول 2024 | 4:55 مساءً بتوقيت دمشق
أوس حسن

ما يغيب في الأشياء ويتلاشى

ما يغيب في الأشياء ويتلاشى
روشيل بلامنفيلد (1936) فنانة أمريكية
  • الأثنين 1 تموز 2024

 قريّة جبليّة
أنا موجودٌ هنا لا لأني أفكّر
ولا لأنّي أرى أو أتكلّمُ
أنا موجودٌ هنا كي أنصهرَ في الأشياءِ
أيُّ صمتٍ بدائيّ يستفزُّ حواسَنا
لتبدو الأرضُ مكعّباً أزرقَ
*
في القريةِ الجبليّةِ
حيث السحبُ الهابطةُ
والصوتُ النابضُ في الحجرِ
ربّما يبكي البعضُ
وربّما ينتحرُ البعضُ
*
الجمالُ هنا
مرعبٌ وكئيبٌ
وهادئٌ تماماً
هادئٌ...
كشمسٍ عذراءَ
أو طعنةٍ في الخاصرةِ.
***
 غروب

المساءُ قبّةٌ حمراءُ
أعمى دليلُهُ الكمانُ
صوتٌ سابحٌ في الأفقِ
أصمُّ دليلهُ الضوءُ
يرسمُ عيناً للأفقِ
عند المغيبِ
تأمَّلَ الشِعرُ نفسَهُ
فكانتْ أذنٌ ترى
عينٌ تسمعُ
وغروبٌ يسيلُ من صوتِ الكمانِ.
***
وردة

لا يهمُّها إن كانتْ تتدلّى من غصنٍ أخضرَ
أو مقطوفةً في مزهريّةٍ
مسحوقةً تحت عجلاتِ الحربِ
وأحذيةِ الجنودِ
الوردةُ... وردةٌ في قميصِ شاعرٍ
في حزنِ امرأةٍ
وليلِ شَعرِها الطويلِ
لا تعي عطرَها الأخّاذَ
ولا تحلّلها البطيء بين طيّاتِ الكتبِ
لا يهمُّها إن كُنَّا أشراراً... أو طيّبين
نحملُ أسماءنا وندفنُها معنا
والوردةُ... وردةٌ قبل أن نولدَ
تفتحُ قلبَها للريحِ
وتُزهرُ على قبرِ القاتلِ
والقتيلِ.
***
 سيرة في لوحة

الرجلُ الذي بنى أحلامَهُ من القشِّ
وأعوادِ الخيزران
ربّما كان بحّاراً
أو رسّاماً
قبل عشرين عاما ً
كان ينفثُ غليونَهُ في المقهى
يبتسمُ فيصيرُ الحائطَ لهباً
بحثتُ عنه في أرشيفِ الموتى
في سجلّاتِ الولادةِ
في المصحّاتِ والسجونِ
في قاعِ البحرِ
وظُلمةِ الغاباتِ

لم يعرفهُ أحدٌ ولم يتذكّرهُ أحدٌ
وحدها الحجارة تتذكّرُ أرواحَ ساكنيها
في الغرفةِ أشعلتُ سيجارةً
ونظرتُ إلى الجدارِ
فبكى وسالَ منه ليلٌ محترقٌ
بينما الغريبُ ظلَّ يبني أحلامَهُ من القشِّ
ويبتسمُ عشرين عاماً في لوحةٍ مهجورةٍ.