الرجل الذي كان الثلاثاء
بابلو بيكاسو - فنان إسباني (1881 - 1973)
- الجمعة 3 أيار 2019
إلى: يحيى عبد المنعم
يرصف نفقا...
يشحذ لحيته:
كما ينتزع ممثل هزلي شاربه.
ويقول للأرض: انبتي من البقايا!
هذا حذائي، طين الأجنة.
هذا قلمي. محراث الخريف.
يحتضن طريقا...
ينتزع حواسه أفقيا،
ويهتف: هيا! أمطري، أمطري.
قار السماء بذور.
هذه الشمس: أهازيج الحزانى.
هذه الأشجار: بيوت الصقور
وأنا مختطف!
يرى كلمة تنتصب...
يقترب زحفا: مثل جندي قديم.
يمسك أول أقدامها، فتختفي!
ينادي ضواري الغابة:
يا أصدقائي اكتبوا لي بصبر،
سيرة الكلمات المضمحلة.
يستيقظ كالسؤال...
يخرج من جيب سترته،
مصباحاً صغيراً. يدسه
في ثغور عميان المسافات.
بسرعة مجرم متمرس، ويقول:
الضوء في آخر النفق أحلامي.
هذا الطريق مصقول بجلدي.
أنا أول العابرين، وآخر الحراس.
وهذي حروف سجنائي.
جدراني أسماء أبنائي.
"لماذا تركتني؟
لماذا شبقتني؟"
يركض في غرفته...
يفتعل عراكاً أمام صفاته.
يغمض عينيه.
يشعر بها تتحول.
يفتح عينيه. يصرخ:
ألواني دمي وعظامي رسائلي،
وهذه فراشة زينة.
أعيدوني للحلم؛
أو اجعلوني أحلم بالعودة.
هذا تبغي:
هديتي لنفسي بعد كسر،
في بنادق أقدامي.
يرتمي متقصفا...
ويقول: لم تعد خزانتي أبداً.
يحكي للعث أغنيته.
ترد النار: اصمت!
وعد لقارتك الصغيرة.
دعني أمتص مائي.
أنا لنفسي عبرة؛
كي لا أكرر ميتتان.
يقرأ مفاصل كفيه...
يرى شبح دراجة هوائية
يقبل نحو ظله، فيركض.
تناديه الدوائر: انتظرني!
أنا رفيقك ابنك المنتظر
النبي القديم، سؤالك أنا.
انتظرني أو اصعد على ألمي.
يصفع الأرض...
ليجلس. يفترش غبار الرحلة.
ويقول: 5 سم لا تعني أحداً؛
سأطوف عكس مشيئة الساعة.
هذا السعي بئر الانتظار.
هذا ما تبقى من أخي لي.
5 سم لم يشعر بها،
أبقيها تعويذة الرفقة.
يجمع الحطب...
يُمطنقه بأناشيد كالرحالة.
هذه حزمة لاسترضاء المساء.
هذه حزمة لمحبة الماء.
حزمتان لـ "أهورا مازدا"
والبقية للطريق.
يتذكر جفتيه...
يفتح أبواب المجال.
هذه غرفتي أذكرها، وتذكرني.
هذا حاسبي، عصفي المأكول.
هذه عصافير الفراق:
أدربها لتقتل نفسها صمتا.
وهذا أنا.
أجمع المشاهد كالمخرج،
وأستنشقها.
فأقول: كوني!
فتكون.