السبت 21 كانون الأول 2024 | 7:50 مساءً بتوقيت دمشق
أضواء المدينة للشعر ودراساته

ماذا يفعل حسين جرود في "سوق الأحد"؟

ماذا يفعل حسين جرود في
الشاعر وغلاف كتابه الجديد (إنترنت)
  • الأحد 14 كانون الثاني 2024

أصدر الشاعر السوري حسين جرود مؤخراً مجموعة شعريّة جديدة بعنوان "سوق الأحد"، وتضم هذه المجموعة عشر قصائد نثرية كُتبتْ عام 2023.
منذ "المجموعة الناقصة" التي تضم مختارات من أعمال جرود ما بين عامَي 2010 و2020، يرسم الكاتب الخطوات الأولى لمشروعه الذي يتجلى في صور وأشكال وتجارب مختلفة أبرزها الشّعر، ولكنه يحوي تجارب روائيّة ونثريّة وترجمات.
يعرِّف حسين جرود نفسه شاعراً، ولكنّه يسعى منذ سنوات إلى تقديم الشّعر بطريقة جديدة عبر مزج الفنون الأدبيّة، مستفيداً من تجارب قصيدة النثر السوريّة لا سيما في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، دون أن يتخلّى عن رؤيته الخاصة للشعر بوصفه كما ذكر في إحدى مقالاته مؤخراً "لعبة المرايا".
يقيم جرود علاقات خاصة مع المتلقي بطرائق جديدة، ويتطرق لمواضيع لم يعد الشّعر يأبه لها مؤخرًا، فرغم أنه شاعر قصيدة نثر وهمومه في الدرجة الأولى قد تكون ذاتيّة أو ميتافيزيقيّة، فإن هذا لا يمنعه من الاستفادة من العبارات اليوميّة في الشارع والمشاهد التي يراها والأوضاع العامّة من حوله ليستخدم مفرداتها في قصائده.
وهنا نختار بعض المقاطع من كتاب "سوق الأحد":
نقع الرز
ولا أحد سيأكل هذا الحساء
نقيع الدجاج
إندومي الفقراء
حتى الشاورما
سعرها يتراوح
كثيرًا
صارت طبقات..
وما كلّ من أكل الدجاجة ذاقها
/
نكتب هذه الشذرات
ونسوق فيها
لا نبحث عن شيء
مع أن الطرقات مرمية على الأشياء..
هل نحن في سوق السمك؟
/
أحمل سنواتي
وألقيها في النار
كلما بدأتُ بنسج قصيدة
حتى أخدع أحد المشترين..
أتعب كثيراً
حتى أجد الأبله
/
على الميزان
دجاجة
قاتلة
تمسك عنق اللغة
نظراتها تترامى أمامي
.. أوصلتُها
إلى هنا
بكلمة
/
وجدتُ قبعتي الضائعة
أرتديها الآن
القبعة الأخيرة التي اشتريتها
لم ألبسها..
تنتظر مناسبة ما
ليختفي الساحر تحت القبعة
وتنتشر الطيور التي يحبسها
/
الحلويات ملوَّنة
جميلة
تأكلها مع أصابعك..
منذ قليل
كانت عارية
بين أيدي صُنَّاعٍ متعَبين
لا يغسلون أيديهم
/
شمعة.. نزقة.. تموت سريعاً
رسالة.. لن أرسلها لكِ.. سأمزِّقها
وعشرة عصافير على الشجرة
هذه طريقتي
في الموت
وردم الماضي والمستقبل في يدي
/
شاهدتُ نفسي
آكلُ نفسي
أركُلُها بسهولة
في فمِ الوحش
وأستلقي على شجرة ميتة سعيدة
/
أُعطِيتُ كثيرًا من الخوف
وقليلًا من الموت
وكل ما في العالم من انتظار
/
أنا مجنون أبدًا
أعرف كثيرًا من الأشياء
ولا تلتصق بجمجمتي
أو سقف حلقي
وعندما أبصق
لا أبصق
سوى لعابي.
***
لم أسرق النار

هذا الذي يجري في عروقي
ليس دماءً
إنه مازوت
/
ولهذا يتوقَّف قلبي
في تمام الساعة
القاسية
/
ولهذا أسير تحت المطر
ولا أتساقط
إلا صدفة
/
ولهذا أرسل الرسائل
بالسيارات المفخَّخة
/
ولهذا أسافر في الأنحاء
ولا أعرف إلا
ذاكرتي
/
ولهذا لم ألبس
وقتي
ولم ألبث في الأنحاء
سوى حلمًا
/
ولهذا أولد
بشرارة
وأضيع
وأندمج
وأتكاثف
وأتكاثر
وأغيب
/
ولهذا أعرف اسمي
وصفاتي
الواحدةِ
ولا أعرف ما يتفتَّق حولي
من إشعارات
وما أبدِّد من كليشيهات
وما أريده من خطوات
/
ولهذا قيَّدتُ بروميثيوس
وتركتُ سيزيف
بعيدًا وسعيدًا
/
لم أسرق النار
بل سرقتني
لم أعرف الحزن
أنا هو.

يشار إلى أن حسين جرود؛ من مواليد 1991، درس الهندسة الإلكترونية في جامعة حلب، ويعمل في التحرير الصحفي وكتابة التحقيقات منذ 2014. صدر له عدد من الكتب منها: "فلسفة القاع" 2016، "المجموعة الناقصة" 2021، "الكتاب رقم صفر" 2022، "جنود البحر" 2023.