الرقص مع المطر
جون كونستابل (1776-1837) فنان إنكليزي
- السبت 9 أيلول 2023
وحيداً وكأسٌ آنستني بدفئها
وقفتُ
على عُشبِ الخيالِ
مع الندى
أسيّرُ أشواقي الهوينى
ترفُّقاً
لأنَ حمامَ العُمرِ إذ هوَ شاردٌ
يخافُ إذا لامستُهُ
ويرفرفُ
وليس جواري غيرُ ظلٍّ
لحائرٍ بأبيضَ من لونِ الشرودِ
مسافرٌ على الشعرِ
يلتفُّ العِذارَ ويرجفُ
وما كان لي قصدٌ لشيءٍ
وإنما تَؤمُّ بقايا الروحِ بيتَ جمالها
فأرنو جنوباً..
ثمَّ غرباً لأجلهِ
كساعٍ إلى أنقاضِ عمرٍ مُسالمٍ
تُنادي لهُ البتراءُ
من كلِّ جانبٍ
لقد بتُّ نقشاً
مالهُ مُتعطّفُ
فقد صبَّ في قلبي الزمانُ سُلافةً
وما للجوى بعد التلهّفِ مطلبُ
وخطَّ على كفٍ يراعٌ برقةٍ
سنونوةً
وعشَّ دفءٍ
وغيمةً
قصيدٌ تواليها
وصدري كتابها
وقدَّ وشاح القلبِ بالنور أولاً
ومن كحلةِ الظلماء
خطَّ فِراقنا
هناك يدٌ
تعطي البقاء لملتقىً
وأخرى
بها تلقى هوىً فتحاربُه
لعلَّ يدَ الدهر الذي كنتُ قاصداً
قد اجتمعتْ جمعاً
يضيقُ بطائرٍ
لتمنعَ نوراً، ليسَ يمنعُ واهبُهْ
وطافَ هنا صمتٌ
أتى نصفَ ليلٍ عاجلاً
مُتَلَثِّماً
شديداً إذا يعصى
وقالَ: ألا تصغي!
فقلتُ لهُ:
صبراً أطيقُ وأصمتُ
ولكنَّ لي قلباً هنا
يتكلمُ ...
فقال: أتنجو بالبقية منكَ؟
... قُلْ؟
فقلتُ: تلفُّتي يَحِنُّ اِشتِياقاً للضياء كزهرةٍ
ويصبو إلى شمسٍ
وإن حَجَبت يوماً غيومٌ سماءَها
ولي أبداً خبزٌ لذيذٌ
هو الأملْ
ولم يبقَ مني غيرُ روحي وموطنيْ
وليس لذنبٍ
غَمّةٌ عبرتْ بنا
وقد دَهنت بالتائهينَ قِبابَنا
غدا البحرُ من آتٍ إلينا
لهاربٍ
تميلُ بهِ الأشواقُ
فوق عُبابِنا
وبِتْنَا كما شاء الخريفُ لبيتنا
دُخاناً بلا دفءٍ
وملحاً بلا خبزٍ
وريحاً بلا عطرٍ
تُحَرِك بابنا
أما عجبٌ أن تستباحَ مدائنُ
عذارى
ولا نقصٌ لديهنَ، لا إثمُ
لهن عيونٌ قُربَ كرم
وحورها
جمالٌ بلا كُحلٍ
وخمرٌ كما الدفءُ
ويوسفها أبٌ ...
ومريمها أمٌّ!
وضعتُ كأسي ثم سرتُ لأنني
رسمتُ على الأفقِ النقيِ حكايتي
سحاباً
أظلّتهُ السماءُ حنانها مكاني
فألقاها إليَّ صبابةً
ومِنْ بينِ أضواء المدينةِ
أقبلتْ تراودني الأمطار شوقاً
كما أرى بطرفِ تخيّلي
إلى يدِ حسنها
لأغمرها رقصاً
يعيدُ سكينتي
فكلُّ فتىً يُلقي الهمومَ إلى المطرْ
يرى روحهُ
فوقَ الغيوم تجلَّتِ.