الأثنين 23 كانون الأول 2024 | 2:46 صباحاً بتوقيت دمشق
عمر الشيخ

أسوأ ما فعلته في حياتي هو الأصدقاء!

أسوأ ما فعلته في حياتي هو الأصدقاء!
كاميران خليل، فنان تشكيلي سوري
  • السبت 9 آذار 2019

الانحطاط الإنساني الذي يطارد الكائن البشري هو الحاجة، والبحث المستمر عن صدى الصوت يبدو أحياناً أهم لكثير من الناس من الصوت نفسه، وكذلك البحث عن الصديق هو ذلك الصدى الذي يبدو مشبوهاً على نحو ما، لا يعكس لك صوتكَ ولا أصوات الآخرين ولا حتى صوت الصديق نفسه، إنّها مُجرد أحجية تبني لغزها بمشاعر وأمنيات وطموحات تحقق ذاتك في الآخر، ولا تترك مسافة في قول نصف الحقيقة، فالأصدقاء على خارطة حياتي هم مجرد عابرين في لحظة كأس، وأظن أنّي فشلت بشكل ذريع بالحصول على صديق حقيقي، لذلك أبدو أقرب إلى علاقتي الطيبة مع النساء وكسبي المستمر لثقتهم، لأنّي فقدت أي طاقة للتواصل مع صديق، باتوا جميعاً يبحثون عن فرصة لقتلك، للتقليل منك من أحلامك، على حين تحاول أن تكون داعماً واهماً لهم ولشدّة ما يعتبرونك صادقاً، ربّما، يرون أنفسهم شياطين ومن حقهم احلال غواية اللّعنة، بل وتلويثك بشكل تام بالوشاية والموافقة على النمائم وكلّ القباحات الّتي تشوّه فكرة "الصدق"!
إنّ أسوأ من فعلته في حياتي هو الأصدقاء، ولعل ترميم هذا السوء يطرح قطيعة مطلقة مع هذا المحيط "الثقافي" بكلّ ما فيه من كذب ونفاق ووشاية.
القلة القليلة الّتي تكاد لا تسد فراغ التعب والبحث المستمر عن الشغف المتبادل، لا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام جحيم الطعنات الساكنة في أصابعي وعيوني وذاكرتي، مرة عن أخرى أدرك أن الخذلان هو رفيق الحوارات الضائعة مع كونٍ، تزعم نُخبه الاجتماعية أنّ الود والتفاهم هو ما يجمع ويقوي تكتل التطوير الفكري المأمول على هذه الأرض، إلا أنّ العكس تماماً هو ما يحدث، النخب مشغولة بتجميل التفاهة والدناءة المستمرة والتخلّف والقبليّة وقتل الآخر، والعمل الثقافي يحتم عليك عادة بأن تتواصل وتنشئ علاقات مع من يعملون في هذا الحقل، على أي حال الأمر مزاجي جداً بالنسبة لهذا الوسط ومن يعمل به، لأن في معظمه غائب عن الصدق والوضوح، فلماذا يقوم شخص مثلاً بالبحث في كومة نفايات بشريّة تدعي الثقافة عن أصدقاء؟ أتحمّل هذه المسؤولية شخصيّاً في حياتي وتتحمل معي تلك المفاهيم المزعومة عن الصداقة الّتي لطالما كان ينظّر بها "الرفاق" في الجلسات الماضية على أنها الحل الأمثل للتواصل والبقاء على قيد المعرفة.