السبت 23 تشرين الثاني 2024 | 3:38 مساءً بتوقيت دمشق
أحمد الهيتي

أيتها الساعات التي تنبح فينا

أيتها الساعات التي تنبح فينا
إسماعيل الشيخلي (1924-2001) فنان عراقي
  • الأربعاء 7 حزيران 2023

سنرجعُ حتماً..
نحن المزيفون بالحقيقة..
ونفتح رادار الموجة
الموجة صدى الصدى..
الراديو.. أصواتٌ تدعكُ الأثير لتخرج
الشاعر.. لهاثُ يجر الخيبة مرة وتمثاله مرات
القصيدة.. حينما تلعقها الشفاه تهذرُ بالشتمِ والتفخيخ
كفُّ أمي.. ذاك المساء الناحل في ساحة الدار
نظارةُ أبي.. شريطٌ لاصق وعينانِ ترمدانِ.. جوع
الخلف.. ركض باتجاه الشمال دوماً
وجهي.. حفاوة الظلِ والقبل
المطر.. نازل إلى صعودي يصعد إلى نزولي
الشتيمة.. الحالمة بلسانٍ عربي مبين
أخواتي.. يااااااه لو انتشي لبرهةٍ صماء
الحلة.. مدينة بلا مدينة الشعر بلبلها السليط
الحرب.. الحرب
ماذا لو نزرع الفوهات بالخوخِ والرمان الطبيعي
سأتصور
إنني رجعتُ إليّ شارداً مني والشيخوخة تُسارر مرآة الروح
اسمي.. صراخ الآخرين بعدم اتضاح المعنى
صلعتي.. يراني المشطُ هازئاً ويصفقُ بأسنانه
الوظيفة.. رواح النهار وإتيان بلا نهار
الوطن.. ربما يسمعني الآن.. ربما
الصورة.. استحداث لهزائم متكررة
الأنثى.. عدسات مكبرة لخارطة هوجاء
الأيام.. طغيان التكرار على التكرار
وأنا تكرار.. أبي
سأتصور
البحر بلا عطش
والحبل بلا مشيئة
والنطف تتشبث بالبطون.. كي لا تنزل
والغيبة بلا حضور
والحزن بلا آه
والموت بلا موت
وسنرجع.. نحن المزيفون
وأنا أول زيف
بدءاً من طيني وانتهاءً بانتداب الذباب على وجهي
سأغرفُ من عجينة دمي المجلوط ساعة زمنية.. لِما تبقى
الرمل.. أهزوجة الغبار
الساعة.. تعدادٌ رقمي للتثاؤب
الموت.. رجعٌ إلى الحاضر
القبور.. أراها تئنُ على الحداثة
الكفن.. لفافة بيضاء ووداعُ ضيق
الشجرة.. حكاية التراب للعصافير
المكان.. اتساع الضيق عند اكتمال الفراغ
الصمت.. كثرة الثرثرة وقلة الترقب
الخطيئة.. غرابٌ يحطُ على سياج الجسد
الدمعة.. حينما تعود إلى ضحكتها الشاهقة
الضحكة.. نسرقها في الظل ونهرب
الحلم.. غفوة تعانق نباح الليل
الكابوس.. كلما يتكرر أخسرُ فرداً من أسناني
وسنرجع
أيتها البداوة المستخرجة من كفي الأشلح
أيتها الشتاءات التي تستبيحُ ديارنا الهشة.. والجدران تنزف
القيظ.. موهومٌ من يثقُ بأنك غربة
السماء.. لونٌ لنباح الفقراء
الفقراء.. أعوادُ ثقاب محروقة
الأرض.. قبرٌ كبير
الجنس.. لثامٌ يفترش السرير بالغيبيات
المرأة.. تأوه السرير وشبق التسوق
المرآة.. فن الطلوعِ بالمقلوب
أيتها المرايا.. شاهدي وطني ولو مرة بالمقلوب
السنوات.. سنواتٌ وأنا أنتظرُ سنوات
أيتها السنوات.. حافيةٌ تمشي عيوني.. للرجع الرحيم
المنفى.. حجر أساس للريح
الجدران.. منفى الأصوات المكتومة
الطين.. صرخة التراب وقصبها الحزين
الطين الطين الطين
يا وجع المشي وعوز الساق وتأفف الحذاء ولذة الوصول وتعرق الجورب وصمت التعرق ومجرى الغبار وقبر اللزوجة وجائزة الخديعة
الطين الطين الطين
آيباً من أبجدية السكين
وسنرجع نحن المزيفون
الثقب.. يرى نفسه من ضيق الضيق
الرماد.. وجع الدخان وصرخته المنتشية
الدخان.. صعوداً صعوداً إلى الهاوية
السجائر.. شفاهٌ ملفوفة بورق الخبث
السفر.. خارطة مزدحمة
الوردة.. ما أن شممتها حتى تذكرت أن هناك جهنمَ تتبعني
النخلة.. صبرٌ يتهشم
الساعة.. من يسأل الحيطان عن دورانكِ الملطخ بالكآبة
الانتظار.. حيطان تتآكل بملح اللا يجيء
أيتها الساعات التي تنبح فينا وتنهشُ
أيتها الساعات التي تجترُ اللحظة تلو اللحظة وتعلسُ أميالها كي نصحو ولا نصحو
الأصابع.. كلما تلامس شفتَيّ يتبخر النص
الجسد.. ثوب الروح وإزاره الخانق
وسنرجع حتماً
وسأرجع إلى ذاك البيت المحنّط في عيوني وذاكرتي
بيتنا المؤجر منذ أن حطّني أبي خطيئة في بطنِ أمي
بيتنا ذلك الوشم المتخذ شكل الخرائط في.. نريد
منذ أن التصقّ أبي بحافةِ الأرض.. ورمانا جميعاً
منذ أن وضع بصمته فقط في جبين الخروج
الخروج.. نهايات ترتجلُ للسُخفِ.... إطلالة.