وردة البارودِ
جون وليام ووترهاوس (1849- 1917) فنان بريطاني
- الأحد 9 نيسان 2023
متشبثةٌ بوردةِ البارودِ
محتضنةٌ لدمعكِ الذي يعقّم المطر
والنأيُ يهزُّ غصن الندم.
كشعلةِ نارٍ في صدر المتجمدِ،
كمركبةٍ تغشى غريباً تائهاً
في دربِ الضّياعِ والضّباع.
تستمرين أنت خيط حشائش بين الحرّ والقر.
متشبثة بوردةِ البارود
ومتمددة على قفارِ الملح
بلا مبالاةِ مُسنٍ جالسٍ على صخرةِ الشيخوخةِ المتصدعةِ
وينظرُ بعينين جريئتين لجنازاتِ أترابه المتتابعة.
نزفتُ قصارى سهادي وسطوري
ألا يُجفل الحكماء طائر الدمع،
ولا يتلبد وجه الحزن الطلق
كلما قطّعوا لكِ أسمالاً من اليأس
أو ثقبوا طوافتكِ اليتيمة.
متشبثةٌ بوردةِ البارودِ
محتضنةٌ لدمعكِ الذي يعقّم المطر،
والنأيُ يهزُّ غصن الندم.
مستويةٌ أنتِ على كرسي الكلمات والأبدية.
كما تستوي أسماء قراكِ ومدائنكِ
على عرش التاريخ بالعربية.
لا ظلَّ لكِ
فالظلُّ هو الابن العاقُ للنهار
يبايع الليل في ذروة الضوء
ويخون أباه.
لأجلكِ، كسرتُ محصلة الفرح
لأسحب قبلة أمي لي
حينما تسلمت الجلاء المدرسي
وتفاخرت بي
وأتسامر معها حتى فلول ضوء القمر
وألج أدغال الصخر بلا لأي.
متشبثةٌ بوردةِ البارودِ
محتضنةٌ لدمعكِ الذي يعقّم المطر،
والنأيُ يهزُّ غصن الندم.
عيناكِ الناضحتانِ/ الصاخبتانِ
بالسحابِ الأحمرِ والموسيقى.
كعقدِ أولادٍ
يلعبون الكرة على الأوتوستراد السريع
وتسوّرهم شاحنات القدر اللاراحم، السّادي.
هو القلق من قلق اللاشيء.
متشبثةٌ بوردةِ البارودِ
محتضنةٌ لدمعكِ الذي يعقّم المطر،
والنأيُ يهزُّ غصن الندم.
ووجهكِ وضاءٌ بريءٌ
كوجهِ طفلةٍ استحمت ليلة العيدِ
غدائرها الرطبةِ
كأمانيكِ الرطبةِ
ترددُ أنّ ينابيعكِ الباردة أنفت الأفواه اللقيطة
القادمة من خطوط العرض والشّمال
وخرافاتِ الكتبِ التّرابية.
متعطرةٌ بوردةِ البارودِ
محياكِ نبعٌ أخضرٌ نمير
يأسرُ عيوننا المتعلّقة فيك
والحاجّةِ إليك.
نرجو العودة بإرهاقِ مسافرِ
وثقته أنّ زوجته
أعدّت شهوتها وتنهداتها له
وقلّمت الليل من الكوابيس.
نرجو العودة بلا سُباب وهتاف
وتنسكبُ خطواتنا برزانةِ الجدولِ الواثقِ من مياههِ
والذي يجري تحت انكساراتنا بهدوء.
نرجو العودة بلا صخب،
كما يعودُ عتّالٌ قرويٌ إلى غرفته المستأجرة
في أقصى المدينة السّاكنة..
وهو يجرُ قدميهِ ونعاسه
وينفثُ سيجارته الأخيرة.