الجمعة 1 تشرين الثاني 2024 | 5:21 صباحاً بتوقيت دمشق
الشيماء خالد

للحزنِ أسنانٌ قويّة

للحزنِ أسنانٌ قويّة
ألبرتو مانيلي (1888-1971) فنان إيطالي
  • الأحد 10 تموز 2022

وحدِي هنا
قابعةٌ في قلب الأسى الكبير
في جوفه الرطب المليء بالنخور
وحدِي هنا
أنمو في أرضه كزهرةٍ،
في أرضهِ التي لا تبُور
فيحجبُ عنّي الشمسَ
كي لا تغازلنِي
بنورٍ تُدفئني
وترمقنِي
فأرمقهَا حتى تغيب..
ولكن..
في أرضِ الحُزنِ
لا مكانَ للضوء، فالضوء يَحرقهُ ويجرفهُ إلى
نهايةٍ هو ينبذهَا
الحزنُ معطفٌ
نقدم أنفسنا لهُ
فنكونُ خيوطًا
تبنِيه
لكن ماذا لو انسلّت تلك الخُيوط
وطفتْ في الهواء
لترقص على نغماتِ الفرح
ثمَّ راحتْ تُشكّل من نفسها فراشاتٍ وحمام
ثمَّ تداعَى ذلك المعطف
وتبخّر في الهواء
للحزنِ أسنانٌ قويّة
لا تسقط، لا تتداعَى، لا تتآكَل
بل يزدادُ بريقها
كلّما لمحتْ وجهَ الدّموع
للحزنِ أسنانٌ قويّة،
ينادينِي.. يتأمّلني
يُلقيني في فمه ويمضغنِي
يبلعني، ثم يُرجعني، ثم يعيدُ مضغِي
بحماسةٍ أكبر
وبلا ملل..
يرميني أمامهُ حيثُ يواجهني
يقعدُ يتأملني
بنظرةٍ مريبةٍ
وملامح هادئة
وكأنّه يقول
ابقي هنا، ريثما آتي
فأسكب فوق رأسك كلّ الأسى
حتى يصير كلّ شيءٍ حولكِ
بلا لونٍ
وبكلّ لباقةٍ أردّ
لمَ يجبُ أن أبقى؟
أنتَ مجرد حزن..