السبت 21 كانون الأول 2024 | 7:17 مساءً بتوقيت دمشق
أضواء المدينة للشعر ودراساته

أمّا الشّـــعر فهو باب مفتوح

أمّا الشّـــعر فهو باب مفتوح
الشاعر (إنترنت)
  • الأحد 19 حزيران 2022

 * جورجيس بافلوبولوس

ألّا أنساهم

رأيتهم.
كنت هناك في وسطهم
وكنت أنظر إليهم فقلت:
ربّما لا يعرف أحدهم
أنّني في وسطهم
وأراهم.
ربّما لا أعرف أنا أيضاً أحياناً
إن كنت حقّاً في وسطهم.
لكن فلأبقَ هكذا
أنظر إليهم ولْأتساءل.

مرّت السنوات
وأنا أتساءل باستمرار:
أتُراني رأيتهم؟
أتراهم رأوني وأنا أنظر إليهم
وأتألّم من أجلهم؟

وفجأة تواجدت مجدداً هناك
وكأنّني لم أرحل يوماً من قربهم
وكأنّ السنوات لم تمرّ.
كانوا يمدّون الآن أياديهم إليّ
ويبكون طالبين بيأس
ألّا أنساهم
ألّا أنساهم.
■■■


الحيّة والتفّاح

استيقظَ تحت شجرة التفاح
ورآها نائمة إلى جنبه
جميلة كحوّاء.
كانت ما زالت تحمل سلّتها
وعندما انحنى ليقبّلها
رأى داخل السلّة
الحيّة والتفّاحة.
■■■


الذاكرة

الذاكرة فراشة
على المرآة
لا تعرف إن كانت تنظر
إلى انعكاسها
أو إلى فراشة أخرى تُشبهها.
■■■


نُسَخُ المَفاتيح

الشِّعر باب مفتوح.
كثيرون ينظرون إلى الداخل دون أن يروا
شيئاً ويجوزون. لكن البعض
يرون شيئاً، تختطف عيونُهم شيئاً
ويروحون يدخلون مسحورين.
حينها ينغلق الباب. يدقّون وليس من
يفتح لهم. يبحثون عن المفتاح.
لا أحد يعلم من يملكه. لا بل
يهدرون أحياناً حياتهم عبثاً
باحثين عن سرّ فتحه.
يعملون مفاتيح بديلة. يحاولون.
والباب لم يعد يفتح. لم يفتح قطّ
للذين استطاعوا أن يروا في الداخل.
ربّما تكون القصائد التي كُتِبَت
منذ أن وُجِد الكون
مجموعة مفاتيح بديلة لا متناهية
لنفتح باب الشِّعر.

أمّا الشِّعر فهو باب مفتوح.
■■■


الكلمة

أعمى منذ سنوات
كان يصارع فحمة سوداء
كي يكتب كلمة
على الظلام المطلق.

لا كلمة ولا أيّ صوت
يقدر أن يعبّر
عن معناها الرهيب.

لم تكن في أيّ قاموس.

كان يراها في حلمه
محفورة بشكل باهت
داخل مغارة غير مستكشَفة
كان يخشى أنّ الناس
يوماً سيكتشفونها.

هو نفسه لم يجرؤ قطّ أن
يلفظها.
وما كان يعرف لماذا كان يتعذّب
ليكتب هذه الكلمة.
■■■


الشقّة

السلّم الذي صعدناه تلك الليلة
في الظلام
الرواق المُقفِر والصمت
الشقّة المجهولة التي
دخلناها للمرّة الأولى
- لقد أعطونا المفاتيح-
وممارسة الحبّ خفية لبضع ساعات.

بعد كلّ هذه السنوات، كلِّ
عمليات الهدم
ما زلت أحاول أن أجد
أين كان ذلك البيت.
■■■


الثلاثة

هذا الذي يكتب القصيدة
وذاك الذي سيقرأها
قد يكونان نفس الشخص
مع واحد آخر حلم بها.

داخل القصيدة طبعاً
اختفى الثلاثة.
______

* Giorgis Pavlopoulos شاعر يوناني وُلِد في مدينة بيرغوس في جنوب اليونان، في 22 حزيران/يونيو عام 1924. التحق بكلّيّة الحقوق في جامعة أثينا غير أنّه لم ينه دراسته. أصدر سبعة دواوين شعريّة بالإضافة إلى كتابة المقالات في عدد من الصحف اليونانيّة. غادر عالمنا في 26 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2008. 

ترجمة عن اليونانية: روني بو سابا 
المصدر: العربي الجديد