أنا لستُ سردينة
يوسف عبدلكي - فنان سوري
- السبت 30 نيسان 2022
أنا في العقد الثاني من عمري، قضيت نصفه أتلقّى المواضيع والمفاهيم "مثل ما هي".
بعد مرور عقد ونصف، بدأت أدمّر جدران ومدارات المفاهيم الخاطئة التي بدأت بها.
والآن، أرى نفسي أدمّر وأعمّر وأحياناً لا أعمّر من جديد، أكتفي بأن يبقى مبنى المبادئ والهويّات والفلسفات الذاتيّة والوجوديّة في قيد الإنشاء.
كلّما مرّ الوقت، أرى الأشياء وقيمتها حولي، تختفي. أحياناً أتبخّر بين صلابة ووقاحة
الموضة العصريّة التي تجبرني أن أكون "هيك" أو "هيك"
أذوب، أتدحرج، على أدراج الموازين الماضية.
لا أستطيع المشي دون التطلّع إلى الوراء خوفاً ممن كنت، ولا حجب نظري
عن الأمام أيضاً، خوفاً ممّا سأصبح.
لا أحد منّا يعرف أين تذهب سفينة تهيّؤاته وتأوّهاته وتفوّهاته.
كلّنا مجتمعين بعلبة قذرة، صغيرة، مصغّرة. أردنا أن نحلّق كالنسور، لكنّهم
حصرونا بعلب، معلّبين، كالسّردين.
لا أريد ان أكون سردينة.
أريد أن أكون عصفورًا. أو شجرة خريف، أو ربّما مجلّة متروكة.
أريد أن أكون أيّ شيء في الدنيا بعيداً عنّي وعنهم.
أريد أن أخلق "نفسي" جديدة متجدّدّة.
أرغب أن أكون أي شيء بعيداً عن العصور. أي شيء غير موجود سيعطيني قيمة لوجودي. أريد أن أتكلّم إلى أناس لا تعرف الكلام. لا تعرف الوجود.
وهي من ولدت الوجود. أريد أن أحلّق، مثل النسر.
ترديد الكلمات والشّعارات والتّمسك بها لن يجعلني إلا ذبابة صفراء تحلم بالاستقلال
لا أريد أن أكون سردينة.
لا أريد أن أكون، أيّ شيء.