فوقَ رأسِ دمَشقَ
بطرس المعري - فنان سوري
- الأحد 19 أيلول 2021
نِداءُ الآخَر
إلى " مارتن هايدغر "
أولئِكَ الذينَ رَكَضوا
إلى الظَهيرة
كي يُبعدوا عنهُم الخوفَ
والظِلال؛
الذينَ نَظروا عُراة ً
إلى أيّامٍ شَهِدَت وِلاداتِهِم
ولَم تَعدْ هُنا
مرَّ الوَقتُ قُربَهُم
حاملاً هواءَهُ القَديمَ
ولم يَنتَبهوا
ثُمَّ مَرَّت السماءُ
وانتَظرَتْهمْ بَعدَ شارعَين؛
ولَم يأتوا
أولئِكَ الذينَ جاءَهُم
نِداءُ الآخَر
وتأهَّبوا ألفَ عامٍ
خَلفَ الوردِ والغُفرانِ
سَرَقَهم الثَّورُ خادِمُ الأجنِحةِ
وأضافَهَم إلى رَغَباتِه
فصاروا غُرباءَ مَنْسيينَ
يبيعونَ الوجوهَ الخالِدةَ
والصَدى
تَسألهُم الطيورُ الحَمراءُ
عن السَّاعة
ويَتبعُهُم الحَنانُ والسَحَرةْ
كأنّهُم في يوم ِعيد.
***
عاشقة دمشقيّة في زمن الحرب
الرصاصَةُ التي ثَقَبَت حافَّةَ
الشُبّاك
في بيتِ اهْلِكَ
حَمَلَت قُبلَتي الحَمراءَ
إليَكْ؛
تعالَ
ضاقَت الأرض
والعرباتُ تحملُ البَنَفسجَ
إلى البعيد؛
الكَوّى
الذي مَلَّسَ قميصَكَ
وتنّورَتي
بِجَمرِ مِكواتِهِ
قَتلتهُ البارحة
قذيفةٌ طائِشةٌ
على الرَصيف،
حَتى السائقُ العُموميُّ
الذي اقَلّنا طوالَ بَعدِ ظُهرِ
كلَّ خميسٍ
إلى قوسِ الحَنان
في حَيِّ "باب توما"
هاجَرَ
وأخَذَ مَعهُ
الأغانيَ الصاخِبة
في مُسَجِّلته
ومُلصَقاتُ العَينِ الزَرقاء
ضِدَّ الحُسّادِ
على زُجاجِ سَيارته،
إذن تَعالَ
واعْطِني مَوعِداً
بينَ انفجارَين
او بينَ رَصاصَتين؛
دَعْ عَنكَ حِجابَ رأسي
ايُّها المَسيحيُّ المُلتَحي
وفَكّر بِشَفَتيَّ
وبالهالةِ الذَهَبيةِ
فوقَ رأسِ دمَشقَ،
سوريّان غَريبان نحنُ
في هذا العالَم
ولا مسيحَ لنا
إلّا القُبَل.