العنقاء
زاريا زرادشت - فنانة من سوريا
- الأحد 19 أيلول 2021
الراجعون غصباً عن أعصابهم
الموزعون على شواطئ
طالبوها
قبل صعودهم بواخر الكلمات
ودخولهم مواخير الخطى
أن تنساهم
أن تنسى نسيانهم
المطحون بشغف الملح والسباخ
خفافاً
كسمك العمات المجفف
فوق السطوح المطلّة على شرفاتٍ
تتصوّر الأثداء
أنّها سترتها
بخيش الكتان،
وبأعواد الخيزران.
بعد طلوع رجال القامات الطويلة
والهامات العالية
لأقرب مخبز
لشّم رائحة السميد
وهو يحترق
وأقراص الفانيليا.
فينزلقون بقشور البيض
وزيت الزيتون
ينتحب على الفقراء منهم
أمثال السردين.
الراجعون غصباً عن نزاهة حرس الشواطئ
وثقافة العامّة المنكسرة
في منتجع احتراق الاختلاف
على نارٍ هادئة كالصنوبر؛
وكأنّ ليس أمامهم البحر
وكأنّ ليس وراءهم الإعصار
ربيب تغيّر أخلاق الأعماق
وتمسّك الصخر
بنزع ما عليه من أصداف
لا تُبشّر بمصالحةٍ ما مع الطحالب.
والتطبيع مع آخر نفس للمعدن
قبل الذوبان.
ليست خيول البحر
من أعاقت تقدّمهم.
ليست القنابل المزروعة قبل الاستقلال.
تدخل كالشوك
بين الظفر واللحم
في نعومة تنعم بتلمّس
رهافة مسامات الحرير
تغازله قباب الشمس
فترفض الخروج كما يزعمون دائماً
بنتونة كالفرح.
وليس دعاء بنات الجيران.
المفتونات
بذكورة هذا السقّاء
كلّما خرج من قربة الماء
تصيح كويراتهنّ
أن يزيدهنّ
ترتيلاً
لسور أردنها قبل البدء
طويلة كالثعبان.
وليس البحث عن بديل للأسماء
المعايشة لنا
كغلاء أشعة الشمس.
وليس رخص الأقمشة _وخاصة الأكفان منها_
هو من أجبرهم على تغيير ملابسهم القصيرة؛
القصيرة أكثر مما تحلمون!
بل هو النسيان.
الداخلون إلى بيوتنا؛
على أطراف الأصابع ككتبِ التاريخ
يمرقون من أعلى إلى أعلى
كي تزيد حصانة طابقنا السفليّ
ليس ثمّة ما يردّ الأعاصير.
فقط...
ما يشبه الحديث في الأعراس
عن رسائل الشوق
يبعثها الأبناء
من وراء الأحلام
تنزل من مآقي الأمهات كالشمع.
تسبق الموجوعات بولادة أصحاب المذاكير
وقبل أن يخرجهم صندوق الأسرة
لجمع النفايات في الشوارع.
حريٌّ بالرجال أن يتذكّروا
أنّ للصقور
شهداء أيضاً!
فلا يعوّلوا كثيراً على حليب الناقات
لكن كلّما ذكرنا أرخميدس
حصل إجماع أن لا أصابع بعد الموت!
تذكّروا أكثر مما تحلمون
تذكّروا جيّداً
قي دي موباسان
إذ لا حديث اليوم ...
إلا عن موتى
ويكذبون.
أحياء المتعبين
تلك التي نسمّيها خطأ
حقائب السفر
تتعجّل الوقوف
أمام مبسم لا يريد التعرّف عليها
ليقينه أنّها خرجت للتوّ من الحمّام.
فرحون؛
برغم تجاوز أصابعهم أطراف حياةٍ
تلتقط خبز الناس بلا ارتعاش
يُدلون ألسنتهم في تقمّصٍ مقتضب
لسيرة الضفادع.
يقصفون ظهورهم ببصاقٍ كزبدِ الخيول
يدركون أنّه ليس مرهماً
ولا ترياقاً
ولن يحصل ذلك.
يبصقون
وعلى وجوههم الجمر
فرحون بسرعة تكوّن فول الرجم في أحداقهم
لا يكفّون عن صدّهم بالعناق.
كانوا رفاقاً
لكن مرجعيّة الخوف من سياسة القمر
أجبرتهم أن يقذفوا بهم في جوقة اللوعة والأنين.
كانوا وكأنّ بهم رعشة لكنس الظلام
بجبّةٍ مطرّزةٍ بأكاليل القداسة، وخيوط النعاس.
كانوا وكأنّ بهم رغبة لاكتشاف موت النسائم
على جدران النسوة المولولات
بلهيب مسك الأسرّة وهي تذوب بهم في شبق العناق
دون أن تمسّ أردافهنّ بسوء
كانوا وكأنّهم يستعجلون اختبار صبر المساء
وماذا سيقول العشّاق
عن أصحابهم المقامرين بأحداقهم.
كانوا وهم يدكّون العصا الغليظة
المليئة بالنتوءات في عجلات
عربة كوبرنيكوس
لكي يسقط مصيره بيد حاكم الغياب
وتنتشي المزارع بروثه الرّافه
وتشرب قناديل الشوارع من عصيره.
تضيء ممرّات تعرف اسمه جيّداً
ولا تعترف به!
خجلا من انزعاج الحيطان
تحرس حنّاء سيقانها
خوفاً من أن تحبل بعرقٍ تقاطر منه
وهو يصعد العربة في طريقه
إلى تشكّل المرافئ الصدئة
يحشون دبر المودّة، بريش القبّرات
يخنقها الطيران في حقول خمّاسة اقتضاب المواسم
تبول في حجور العدول.
تزكّي أكياس الشعير المردوم بنزاهة الفقراء الميسورين بالسلف
الغرق.
أيّتها البيادق
المجدولات بأصابع عبّاد الشمس
ولا تلمسن جاذبيّة الأشياء
كان الهوى يختنق
وكنّا بلا عناق.