الشعر و الخزين المعرفي
عمر الجمني - فنان تونسي
- الأربعاء 11 آب 2021
الخزين المعرفي لا ينضب، ولكنه يستعمل ويستهلك، ويعاد تدويره، إذا لم يستطع أصحابه دعمه والإضافة إليه؛ بأفعال وإنتاجات إبداعيّة أصليّة وحديثة، فالإنتاج العالميّ للمعرفة لا يتوقف، مما يجبر الجميع على الأخذ منه وتبنيه، ولا يبق للمبدع سوى أصليّة المعالجة وخصوصيتها.
هنا يمكن الكلام عن شعر بالعربيّة مصنوع من مواد معرفيّة مستعملة طويلاً، ومعاد تدويرها. وشعر بالعربيّة أضاف الإنجازات المعرفيّة الحديثة الى خزينه المعرفيّ.
هنا تكمن المفارقة؛ فجلّ المعالجات الشعريّة بالعربيّة تنتمي إلى النوع الأول، تحت شعار الخصوصيّة والتمايز والعراقة، ولكنها لا تفارق المنجز المعرفي للماضي، الذي أندرس مع أوانه ولم يطعّم بجديد أو يستبدل بغيره.
كل قضايانا الاجتماعيّة باءت إلى فشلٍ ذريع، ومع هذا مستمرون في استعمال موادها المعرفيّة المهترئة في معالجة وإنتاج النص، ومن ثم نتساءل لماذا يهرب القراء من الشعر؟!
نعم يمكننا مقارنة الشعر بالكهرباء وتوفرها وإنتاجها، كما يمكننا مقارنته بجميع المنتجات الحيويّة "للمجتمعات"، فإذا فشلت هاتيك بسبب اعتمادها على خزينها المعرفيّ العريق، فإن الشعر أيضاً سيفشل في أن يكون عنصراً بانياً للإنسان، لن يدخل القلوب والنفوس والعقول، بل سيتوقف مصغياً لصديد الذاكرة المتأوه من أغاني أم كلثوم.
الخزين المعرفيّ عليه أن يكون حديثاً بالضرورة، طازجاً بالضرورة، حتى يمكننا النهل منه ومعالجة قضايا الإنسان شعراً.