الأحد 22 كانون الأول 2024 | 1:33 مساءً بتوقيت دمشق
عامر البري

قليلٌ من القماش ليكون صوتي

قليلٌ من القماش ليكون صوتي
عمر حمدي (1952–2015) فنان سوري
  • الأحد 8 آب 2021

هذا الغطاء يزيحني ليكون لغيري غيمة..
أو ربّما صار ظلاً لغمامة.
أزيز فراش الموت يصعد السماوات كلّها بلا حسرة
وكانت الديدان تأتيه بصدورٍ عارية.
هو شوق على شوقٍ صارا سلماً للعاشقين
تختبئ الفراشات في صمته لتموت ذاهلةً.
أيا غفوة السماوات لم لا تجيئيني مرات
وأعداد معددة
أو سبع معطّرة
أو نار مبرّدة
لتصيح بعض من خطانا
لأذهبنّ بغير زيتونٍ الى ملك الملوك
أدلّه على قليلٍ من اللبان ويكون ما يكون.
كذا سبعة بنيت يتيمات
اثنتان تعلّمتا الغمز
تحوّلت الأولى نجمة
بينما صارت الثانية هلال.
هذا القماش يزاحمني
ليكون خمسة أغطية أو فساتين لليتيمات.
كم مرة حاولت عدّك في ذاكرتي يا كوثرتي!
طيبة أنت كشتاءٍ بلا أغطية
كانت النهارات حبلى
وأروقة الليل عناقيد فرح
وكنت....بلا عدٍّ كي لا تأخذك عين،
كنت الذاكرة.
*
هذا نهر
وذاك تابعه يشقّني عنوةً كي أكون نبيّاً للغائبين
الغائبون في رسائلهم يطالبون بالمعجزات ليعترفوا.
قلت: بلى
وقمت بغير سؤالٍ للعاقبة
أبلل وجه السماء
وأحرث نهجاً من الأسئلة
كنت في كلّ مرة
أجمع حزمة الماء
ألملم صوت الملوحة فيه
وكنت إذا ما مرّ بي نهر الفرات
ولامني عن عذابٍ بلا فائدة؛
كنت أضحك
فأنشقّ عن صدرِ زعترة خطاف
حلّق بي ليلتين كاملتين حتى بلّني النيل برغوته..
وسرت في عروقي رعشة الأولياء.
نزلت على النيل ضيفاً سبع ليالٍ
تغسلني الرغوات وتفضح فيك كمال الأنوثة
ليقتصر الحب علينا، وتنتصر الرغبات
وهذا الخطاف كشرطِ العجائز والمسنين دليلي لدى الغائبين
أفجّر صحوة الوقت كي تقولي أحبك..
هذا قليل الكثير.
يا دمعةً تنبتين بكلّ الفصول؛ لك وثبة الضوء إذا ائتلق ترسمك الأنهر والأودية
فرساً وغزال.
لك الماء
صيّرني في سبعِ ليالٍ نبيّاً
شقني وأباح ضفافي مغسلاً وسقاء.
اغتسال على ضفة الورد رهبنة وخشوع
أيّنا الآن كوثرتي نبيّاً؟
أيّنا حملا وحمّال.
لك الماء
حتى نعيد بناء القداسة
في خطو جيلين بعيدين
نرمّم وجه طفولتنا ونغيب
عاريين بلا أدعية
كأنّ السماء تقينا وابلاً من صياح الغريب
الغائبون هم الآن وقوفاً أمام مكاتبنا
يتلصصون من فتحة الباب ليروا قادماً لا يخاف
جبّنه وقت مزركش بالياسمين وشاربه من ضياء.