السبت 21 كانون الأول 2024 | 7:49 مساءً بتوقيت دمشق
نجيب نصير

بريق الشعار، احتضار الكلمة

بريق الشعار، احتضار الكلمة
أكسم طلاّع - فنان سوري
  • الأثنين 3 أيار 2021

هل ثمة قرابة بين الشّعر والشِعارات؟ ربما لو أعدنا الكلمتين إلى أصولهما التصريفيّة، سنجد أكثر من ذلك. بل ربما أنّ الشعار كيان مشتقّ من الشّعر؛ بوصفه في أغلبه موزون وربما مقفّى، أو هو كما الشعر "تلخيص" أو تكثيف لتجربة معرفيّة بشريّة الطابع والهوى، تحتوي على مكوّنات الشعر، من الصورة إلى طلاوة الكلمة وجزالتها وقوّتها وعمقها.
والشعار كما الشعر؛ اقتراح متخيّل، يتوسل الكلمة ويتوسدها، للانعتاق من ثقل الواقع، بما أنه قوانين طبيعيّة، والانتقال إلى مطارح تحدي هذه القوانين، والاشتباك معها وهزيمتها، معتمداً خزين صاحبه المعرفي.
صلة القرابة تلك، تجعل من طرفيها متأثرين بما يطرأ على الأخرى، فلطالما كان هناك شعر متأثر بالشعارات من حيث المحتوى، ولطالما كانت هناك شعارات مجزوزة من متون الشعر. فكيف لنا _نحن الشعوب_ أن نفرّق في سياقنا المعيشي هذا بين الشعر والشعار؟
قد يبدو السؤال تبسيطيّاً، وحتى جزافيّاً، بالنسبة للشعراء وقرّائهم. ولكن إذا وضعناه في سياقه الأنتروبولوجيّ، وهو المآل الأخير للمنتجات الثقافيّة، فسنرى " تكمّش" الشِعار" بالشعر أثناء سقوطه في حضيضه، معلناً عضويّة علاقته بالشعر، وتلازم مصيريهما.
ربما لحظنا كقراء، وشعراء، ونقاد. تهافت قراءة الشعر بين ظهرانينا، في خضم اكتشافنا لسقوط الشعارات _القديم منها والحديث_، ليبدو العطب في المقترح التخيليّ نفسه، وليس القدرة على التخيّل الجمالي ولا صياغته عبر استخدام الكلمة التي هي خزان الوجدان.
لقد سقطت الشعارات بما تعنيه وتناثرت أشلاء، فهل يسقط الشعر، أو ما يعنيه. على الأقل؟!..