الأحد 22 كانون الأول 2024 | 4:3 صباحاً بتوقيت دمشق
سما حسين

لن أشبههم مهما عشت هنا

لن أشبههم مهما عشت هنا
بابلو بيكاسو (1881-1973) فنان إسباني
  • السبت 3 نيسان 2021

هذا الجدار،
لا يمكنني لكمه حين أتضايق
هو لن يتفهمني
وسيعتبر الأمر مشاجرة
(بعكس جدار بيتي)

رائحة عناقنا
لم تَعلق في غرفة النوم الجديدة هذه..
(وهذه ليست دعوة)

لا أستطيع تعليق صورة لأمي فيها
أو لساران..
كلّ المسامير قد حُجزتْ
_في الليل مثلاً
أستشعرهم يبحثون عن شيء
على الأغلب نسوه هنا
في لحظة تخلّي مُستعجلة
(ولاعة سجائر، مشطاً خشبيّاً، لعبة)
أنا أيضاً نسيت في دفاتري
كل الأحرف التي أفضّ فيها نشوة الكتابة
(هكذا تنتقم منّا الأمكنة)
لا نافذة هنا أعلّق عليها عيوني
لتجفّ من ضوضاء المدينة.
خطواتي لا تلتصق بالأرض،
الشوارع تبقيني طافية!
كلّ الأكتاف التي قابلتني لم أستنشقها..
هذه العطور ليست برتقاليّة
لا تُهدئني..
أقطع المشاوير ركضاً
لأنكت عظمي من برد الحي
(لم يعد الشتاء يثير فيّ غريزة الاختباء؛
فالجحور التي علّمتُ عليها
في عيون أحبّتي صارت بعيدة)
يقول لي أبي: كفاك بطئاً
اخرجي لتبتزّي أضوائهم وترتيب شققهم.
تماهي فيهم كُلّهم
خاصة الباصات والأكشاك الصغيرة
ستجدين فيها أناس بعيون مجعدة
تشعرك بالألفة..
لكني،
في كلّ مرة أخرج للتنزه عبر هذا النهر
أعود تنقصني لقمة..
_هم يقضمون هويتي يا أبي
أجد تحديقة عالقة بي
تحاول إيجاد أي تفسير
(لماذا هي برائحة الشجر؟
ولماذا لا تستخدم شعرها كشبكة صيد؟!
أيمكن ألا تجيد الصيد؟)
أولئك النهران الذان عشت فيهما؛
ضاعفا غرقي

لن أشبههم مهما عشت هنا،
أنا قصيرة ومدببة،
وسمراء بطريقة مُحمرّة أكثر
(حمرتي قبلة اختلستها
من رجلٍ كان سيصير رسولاً
عند بداية خلقي)
أنا غريبة جدا يا ساران..
ليس لأنّ الجسور إلى صوتك يبستْ
لكنّهم يحدقون بي هكذا (كطفلٍ تبنّتهُ امرأة.. وهذا يومهما الأول).