عــــلى أثير الليمون
إنترنت
- الأحد 24 كانون الثاني 2021
قبل أن ألمس وجهي في المرآة
كانت رائحة الأرض تنشب جوعها في شهوة عيني،
كان المطر قد توقف للتو في دمشق..
كنت أبحث عن حياة وجهي وملامحي في رائحة تراب البلد وأنت تتنهدين لشموس زقاقه العتيقة، أتلفت إلى الوراء وقوس باب توما ينتظر ضفائرك لتحملني بعيداً قبل أن يصل باص مدرستي، ترفض كل المقاهي استقبالي لأني تلميذ مشاكس، أعتاد على نصائح شفتيك وكلمات أصابعك...
مسحت العاصمة ذاكرتي العشوائية
وتركتني ألمّع مبردات الألم بعيني...
يشمّك قلبي ويلفظ أنفاس فراغه متوعكاً في بعدك،
لا يطلق للربيع صرخة رغم اكتناز المدينة بأحزان العابرين من أولادها، شعرت أنني لن أبقى هنا، وأن شمس آذار ستلعب لعبتها الخبيثة وتشعرني بالدفء...
أدوات تنظيف الألم انتهت صلاحيتها،
صرت أستعير الأمل المكبوت بأكف الأطفال الذين يمسحون زجاج السيارات على الإشارات الضوئية مثل غربتك وفراغ أصابعك القلقة...
لا أغفو فوق دفاتري لأني أنشف طوال الليالي أحزاني
بأوراق الليمون التي تنتمي لك...
أشكال ملونة لرخام السماء نعمّر فيها حدائق للحرية والعصافير، وقضبان قاسية للصبر تُغرس في قلقنا ولا أصلك سوى في الصباحات...
في الصباحات دائماً أكشف عن دمي لظلكِ وأهندس بين رائحة فراشك وتوقي لضمك أزهر في جدول يديك وأتكاسل على ذراعيك ممرغاً بحشائش أصابعك، أقشر بساتينك بشفتي لأقطف محصول حبي من حزّ ليمونتك السرية...
لن أتظاهر أمام أحد أني أعرفك لأن رائحتي أصبحت فوحاً لشبقك، أندس في صوتي حتى عانقت شفتاي كل أزهار الليمون الدمشقي حيث أنت...
نحلق في الصور التي نلتقطها على أثير الليمون، ونخاف على حموضته المثيرة...
من كتاب: قبل أن تمتلك الأرض - يوميات شعرية - دمشق 2019