الأحد 22 كانون الأول 2024 | 12:26 صباحاً بتوقيت دمشق
نجيب نصير

هل يعتبر عالمياً؟

 هل يعتبر عالمياً؟
حامد ندا (1924-1990) فنان مصري.
  • الأحد 20 كانون الأول 2020

لا أستطيع أن أجزم أنّ كل شعرنا، يمكن أن نطلق عليه اسم " الشعر العربيّ"، فالمصطلح ملتبس للغاية، عدم الجزم هذا يجعلني أتردد في طرح سؤالي حول عالميّة " شعرنا"، أو صلاحيّته للعالميّة، وعدم الصلاحية هذا ليس عيباً كما قد يتبادر إلى الذهن، ولا هو إعاقة إبداعيّة؛ لأنّ السؤال هنا يتمحور حول شرط الأرسطيّة في الشعر المتداول كشعر عالميّ، حيث لم ينفع تحرّر" شعرنا" من الفراهيديّة، في تحقيق هذا الشرط ، الذي تمّت إعادة بنائه واستخدامه في عصر الأنوار، واستمرّ إلى يومنا هذا، بحيث يمكن تصنيفه اصطلاحيّاً كشعر، أولاً؛ يمكن تمييزه عن باقي أنواع الكتابة، ومن ثمّ كشعر إنكليزيّ أو أمريكيّ، أو إسبانيّ وإسبانيّ لاتينيّ... إلخ، وهنا يتضح لنا السؤال، حول إمكانيّة انتماء "شعرنا" للعالميّة بانسجامها مع الدراميّة التي نظّر لها أرسطو، وهنا يبدو "شعرنا" مفارق للعالميّة، قدر مفارقته للأرسطيّة وتطوراتها، بالرغم من توفرها قديماً في "شعرنا"، حتى قبل أرسطو_ كما في ملحمة جلجامش مثلاً_، وهنا لا بدّ أن ينحصر مفهوم العالميّة بالنسبة لنا بالترجمة، ولكن هل الترجمة كافية لنقل البنية الدراميّة "لشعرنا" بشكل لا لبس فيه؟ أم أنّها تعيد ترويضه وتشكيله في مقاربة ليست منتهية مع الشكل الأرسطيّ؟

ربما كانت وسائل الاتصال الحديثة، وكذلك الانتشار الجمّ لمنتجي " شعرنا" في أنحاء العالم؛ يساعد على نقلة تعريفيّة بوجود شعراء بين ظهرانينا، ولكن هل تستطيع تقديم شعراء مثل: بابلو نيرودا، واندريه بريتون، ولوركا، ورامبو، أو حتى شكسبير؟.

العديد من الترجمات للعديد من "شعرائنا" لم تترك أثراً موازياً للأثر الذي تركه المذكورون في الإنتاج الثقافيّ العالميّ، وفي منتجاتنا الثقافيّة (وهنا نتذكر “ألف ليلة وليلة”؛ كدراما أرسطيّة، ربما كانت مكتوبة شعراً بلغتها الأم قبل العربيّة). هذه الترجمات لم تجعل من " شعرنا" عالميّاً، على الرغم من سهولة الترجمة والنشر المتاحين حالياً.

ربما يمكن البحث في مفهوم "شعرنا" نفسه منذ القدم، بما فيه البحث عن أرسطو خاص بنا، وهذا متوفر _على ما أعتقد_ مع القليل من البحث الجادّ، والإنتاج الشعريّ الأصليّ (وليس الأصيل على أية حال، فالشعر ليس دواجن أو خيول)، على شرط أن نتقارب مع أصول الدراما السائدة في العالم بمنتجها الشعريّ.

ربما نبدو كثقافة، أو حتى كثقافات متجاورة ومتداخلة في حيّزنا الجغرافيّ؛ غير قادرين على أن نكون مفهومين، أو متفاهمين مع ثقافة أو ثقافات العالم، والشعر هو تكثيف، حتى لعدم التفاهم هذا.