الأحد 22 كانون الأول 2024 | 8:20 صباحاً بتوقيت دمشق
عبود سمعو

حزن يُشتهى

حزن يُشتهى
جزء من لوحة للفنان السوري رياض الشعار
  • الأحد 1 تشرين الثاني 2020

بعدما كنّا نستعير من الآخرين أحزانهم؛
لنلوي بها يد الروح الطويلة كنهر الفرات
الحزن العراقيّ القديم- الجديد، الجليل، مثلاً
صار لنا اليوم حزن كامل المواصفات
خالِ العلام، داكناً، عميقاً،
طويل القامة...

يرتدي سترة بنيّة اللون فوق قميصٍ أبيضَ ناصعٍ
تتدلى من ياقته سمّاعة الأذن السلكيّة
في باص النقل الداخليّ
رأيته يجلس في المقعد الأخير عند النافذة

حزن يشتهي صوت ارتطام جانب رأسه ببلّورها، ويشرد
يفلّي الذاكرة... يبحث عن فرحٍ في ماضيه
يرتّب الأسماء في هاتفه النقّال
ويصنّف الأغاني في مجلّداتٍ

يغربل فصول السّنة
ويضع الشّمس في مرطبانٍ صغير
من خلال النافذة في ليلة شتاء
شاهدوه يدهن رغيف خبز
ويقضم خوفه مع الشّاي

حزن يدخّن مثل قطار العصور الوسطى
يمسك سبحة مصنوعة من نوى الزيتون
يفركها، يقرّبها من أنفه
ويشمّ رائحة حزنه.

يتكئ ليلاً على حافّة النافذة.

حزن له خمس أصابع في اليد الواحدة
يكاد زيتها يضيء.