قصائد أرض الأمل
أمل الأطرش، فنانة تشكيلية مغربية
- الجمعة 8 شباط 2019
القرية معبّقة برائحة الأبقار
وعنزات الراعي لها الرائحة عينها
ما سيغور عميقاً في الذاكرة الحنونة،
وحينما تصبح رجلاً تقارع المجهول
لن تكون بارداً أو خائفاً
بل ستساندك الرائحة العظيمة
مفطنة.... لَكَم كُنتَ رائقا وبدائياً.
****
أغنية البجع
وهناك كنتُ أهفو وأرتفع
على العشب الأشقر بين التلال
مع نشاط الحريّة الصافي
وبريق الأمل الذي لا ينتهي
وهناكَ أياً كانت عيناي سائحتين
**
وحينما انثالت سعادة نقية
بدا شَعري كأنه لحصان هائم
وأمستْ روحي جسداً عظيماً وزُمراً من كائناتٍ مغمورةٍ.
وكوجه البحر الواسع صارت الحياة فسيحة أمامي...
****
الحديقة المسحورة
مثل المهور المشرقة في المراعي
مثل قطط البيوت الريفية
مثل أسرةٍ من البط وكعزلة الغربان-
مثل كل هؤلاء نحنُ
في حديقةٍ مسحورة- بثيابنا كلها
وبرغبة وفخر لا حدود لهما.
***
إنك تمشي هكذا مع كيانك الواحد بلا طريق ولا هوادةَ
ولكنك مستقيم...
ومثل الأطفال تبدو راغباً بالعناق فرحاً ساذجاً ودوداً
إنك لتحسُّ بهذا وأنت تغازل العالم فجأة
بلا فكر وبلا أحقاد.
****
ثمة لحظات لا منتهية من الذكريات والجمال الحزين...
بَحرُ مَشَاعر مختلفة
إنه شيء يبعث على الدهشة والذهول
فيما أنت تكتب وتحاول أن تكون لطيفاً.
***
الآن سأتحول إلى امرأة
إلى مشاعرها ولحظاتها
ولكني لن أزول بل ستصحبني معها بلا خوف
كي نعبر الزمن.
***
ولمَّا قالت وهي تهزم خجلها ومثل كهفٍ حزين
بأني أجمل ما صادفَتَه في حياتها كدتُ ابكي
ليس لأن التعب الأسود تحت جفنيها عذبني
بل لأني عرفت
أن عَوزَ العالم يماثلُ حبي لذلك الخجل.
***
وبعد حزمة أعوام
تحسستُ اللذة اللامتناهية للحبّ
من الطهارة البريئة...
من عوالم غامضة...
من هيئاتنا السحرية البطيئة.
***
هذه هي حياتي
بحيرة بوغوريا مفعمة بالبجع
وأنا لا أجد ملاذاً إلا لعشق الطيور.
****
المملكة الصغيرة
بلمحة خاطفة – سطوح البيوت الشعبية تشع دفئاً
وفي المنازل قطع الأثاث الصغيرة،
وأما الزقاق الذي ركضتَ فيها صبياً فتجعلك أبدياً منفطر الفوائد
ولما عند الغروب تهزك الرعدة وشيئاً من الحزن
ويخترقكَ ريح الجمال المرعب
من هذه الرحمات الباحثة عن ذاتها
تتلألأ عيناك جميلتين.
***
لوحات ناضجة تستفيق عند الغسق
وتودّع مشاعر النهار في مآتم جنوني،
فيما أشكال مموهةٌ تسيل في غمة الليل وأنا نصف غافٍ.
***
ها هي حياتنا مرّت ونَضجت وسأناديكَ تعال
ماذا سنصنع من حقدنا طالما كلانا له نفس الكسل
اقترب لنتحاكى إنها حياة غريبة
اجلس لنشرب الشاي تحت الفيء إنها حياة خبيثةٌ
اجلس ماذا سنفعل بحقدنا ..... حقدنا القديم.
****
حادثة
قطعةُ العظم هذه عمرها مليونا عام
ومع هذا فإن المرء يندهش إذ هي نظيفةٌ وتلمع
فهو يتخيل أنه رأى يوماً وفي الأقاصي البعيدة
جثة ثور ملتحمة مع جليد القطب
هناك...
حيث الكائنات نادرةُ والأرض عارية والسماء يتيمةُ.
****
أرواح
إنك تمشي وتُسهم كالعادة في الشارع المزدحم
وفجأة كشيء يشبه الصدمة تجد نفسك غريبا البتّة عنه
إذ هامات الأبنية عتيقة والغروب جديد والمكان مختلف
وأنك لست هنا وإنما في بلد اّخر
وجسدك الصامد
يبدو مرتابا بالعمر الذي قضيته.
****
أرواح مهزومة
حلمتُ بعصفور صغير ينقر على شفتي - يقف على باب صدري ويسرق من قلبي الحركة.
كان صوته خافتاً وعيناه غائرتان لامعتان
وفي المساء رأيت عند حافة النافذة طائراً أسوداً غريباً
نظر إليّ بصمت مرعب ومن نظرته عرفت أن الأموات يعمّون البلاد ويسيرون
بين القبور والأزقة الضيقة
كل هذا وليس صوتاً يُسمع
كل شيء صامت، الأشجار صامتة، الأرواح ساكنة
حتى الاُناس فيما العمارات تنفجر عليهم كانوا صامتين.
****
متسوّلة
من أنتِ؟
ملاكاً نزل من السماء؟!
أم عصفورةً لم تجد غصناً تركن إليه؟
أم أنك وريقة متعبة سقطت من حكايا الخريف؟
من أنتِ؟ يا ذات الوجه النحيل
أنت لستِ ملاكاً ولا عصفورةً
أنت متسوّلة
متسولة بائسة صغيرة!