الأحد 22 كانون الأول 2024 | 9:55 صباحاً بتوقيت دمشق
آنا عكاش

في رثاء البلاد والعباد..

في رثاء البلاد والعباد..
همام السيد، فنان سوري.
  • الثلاثاء 23 حزيران 2020

لا ثقة لي ببلد.. يقتل أبناءه..
يتساقطون إلى السماء بجاذبيّةٍ معكوسة.. كقطراتِ مطر
تتبخّر قبل أن تصل وجهتها.. هناك..
في المكان الذي بات مكاناً أفضل من هنا..
والأرض المُسيّجة بالحدود اختلّ توازنها!
تعبتْ..
ولم تعد تعرف جغرافيّتها وأبناءها..
*
لا ثقة لي.. ببلد يقتل أبناءه..
يفردون أجنحتهم ويطيرون..
كالحمائم من شرفات منازلهم المُستأجرة..
ومن فوق جسر الرئيس..
بم كانت تفكر تلك الطفلة قبل أن يرتطم رأسها بالإسفلت؟!
بم كان يفكر ذاك الرجل وهو يصوّب فوهة مسدسه نحو رأسه؟!
الرأس! دائماً الرأس؛
فكرة في الرأس..
رصاصة في الرأس..
جلطة في الرأس..
أما القلب فمسألة أخرى..
هل تعرفون من يستطيع الحياة بقلبٍ مكسور؟
نحن السوريون..
مهشّمة قلوبنا لشظايا صغيرة..
معجزة؛ كيف نتدبّر أمرنا معها ونعيش!
*
لا ثقة لي.. ببلد يقتل أبناءه..
ثم يحصيهم بكبسة زرّ في سجلّات النفوس..
المواليد بحكم الموتى يجتمعون على صفحة واحدة..
كلمة واحدة تختصر الحياة، والذكريات..
متوفى..
لكن كيف توفى؟
هل قتله الحزن على البلاد أم على أبنائه الجوعى؟
هل قتلها الشوق لرجل التصقت بقاياه على جدار المبنى الحكومي؛ حيث انفجرت السيارة المفخخة؟
هل أكله سمك البحر أم تعفّن في قبو عميق ما؟
هل قتلنا الغد أم البارحة؟!
كلنا قتلى.. بقلوب مهشّمة لشظايا صغيرة..
نلملمها في راحاتنا..
نخبّئها في جيوبنا..
ونعيش موتنا..
في بلدٍ يتفاخر بنحر أبنائه..
على موائد الجوع..
كريم على اللئيم..
وبخيل على الطيب..
ونحن.. سوريون.