الأحد 22 كانون الأول 2024 | 7:53 مساءً بتوقيت دمشق
نور الموصلي

قبل أن تغدو ندوبا

قبل أن تغدو ندوبا
يوسف عبدلكي، فنان سوري.
  • الأثنين 27 نيسان 2020

أفقان من زمهريرٍ ونار
مغلقٌ بابُ هذا المساءِ
وظلِّي هنا عالقٌ
بين أفْقين من زمهريرٍ ونار
والزَّمانُ يدقُّ مساميرَهُ في يديَّ
ويركضُ حولي
دوارٌ... دوار
أرتقيتُ على غيمةٍ
أم سقطتُ من الشَّمسِ؟
لا أذكرُ..
كيف تنبتُ في صدرِ هذا الفراغِ
خطاي؟
ووجهُ المدى أحمر
والجهاتُ حصار!
للضحيَّةِ وجهتُها..
قلت أعبرُ دربَ الصَّباح
غزالاً شريدا
الذَّئابُ على مدِّ نورك يافجرُ
كانت تطاردني
كنتُ أعدو وأعدو..
وكنتَ شهيدا!
للضَّحيةِ وجهتُها..
قلتُ لا بدَّ من معبرٍ
في المساء يؤمُّ الرُّؤى مطلقا
فارتطمتُ بظلِّي وردَّ الصدى:
لم يزلْ مغلقاً مغلقا
مغلقاً مثل بابِ القيامة
قد عبرتُ إلى دربهِ الصَّرختينْ
غير أنِّي هنا
لم أزل بين بينْ
جثةً صدَّ عنها الفناءُ
فقامت تدقُّ رخامَهْ!
عتمةٌ!
من تُرى أطفأَ النُّورَ؟
هل حلَّ ليلٌ سريعاً
أم اصطادَ شمسيَ غيمٌ فليست تبينْ؟
والهواءُ؟
أصيفٌ على البابِ
أم شبَّت النَّارُ في الكونِ
حتَّى اختنقتُ
وغصَّ بصدريَ ماءٌ وطينْ؟
لم نزلْ في الضِّياءِ
وشمسُ الظَّهيرةِ تسطعُ
قالوا..
وريحُ الشِّتاءِ تؤمُّ الجهاتِ
ولكنْ.. يقولُ: حزينْ
خبزُنا يابسٌ
يابسٌ خبزُنا
غير أنَّا عشيَّة هذي الخصاصةِ
لسْنا نبيعُك مهما تمادى العفَنْ
عد إلينا غداً أيُّها المُشتري
فلعلَّ المجاعةَ تنهشُ لحمَ ضمائرِنا
فنبيعُ فتاتَ الوطَنْ.
***
صار أفْقُ القلب أوسعَ 
قد تفتَّح في دمي ورداً
وعرَّش روضةً غنَّاءَ
ملء الصَّدرِ تغمرهُ طيوبا
شكراً لأنَّك مثل كلِّ قصيدة
تأتي فنفرحُ مثلما الأطفال
تسحرنا وريقاتُ الصَّبابةِ
قبل أن تغدو ندوبا
شكراً لصوتك
مرَّ مثل حمامةٍ
هدلت طويلاً حول شبَّاكي
إلى أن صار أفْقُ القلب أوسعَ من مدى
والشمس في جنبيَّ تخجل أن تغيبا