الأحد 24 تشرين الثاني 2024 | 4:25 صباحاً بتوقيت دمشق
إحسان المدني

لم تطأ فيه غير حقيقةٍ واحدة

لم تطأ فيه غير حقيقةٍ واحدة
اسماعيل نصرة، فنان سوري.
  • الأحد 26 نيسان 2020

كَونٌ داخل صوتٍ خَجِل
لم يكن شيئاً يُذكَر
ذلك الألم الذي نتجرّعه كلّ صباح
لأجل أن يبدو العالَم أقلّ ثقلاً
وأن يكون الكائن البشريّ الأفضل في طرق العيش
وأن يغدو الأذكى والأمهر والأكثر تطوراً
ها نحن يا عزيزي!
متورطان بهذا العالَم
يخنق الغاز المسيّل كلّ من قال "لا"،
يقتل الطغاة الشعوب التي تتذمّر،
الأمراض تتفشّى كسرابٍ ممتد،
والخوف يفتك بالبشرية،
وإذ نحن ..
عصفوران يحاولان خلق تغريدة،
جناحان يصنعان فكرةً جديدةً للطيران،
غرفتان صغيرتان تنموان بالضحك،
نصّان يكمل أحدهما نقصَ الآخر،
كلمتان بتناصّين ممتدين،
وأغنيتان .. بينما يشرَع الكون بمشروعه الأخير؛
الاضمحلال .. الاضمحلال .. الاضمحلال.
لم تكن تجربةً ناجحةً أبداً
أن يكون كلّ شيء بخير،
وأن نزرع وهم الأمل، وصناع البهجة، وخلق التنوير، والإيجابية ..
هذه هي السوداوية،
هذا هو الموت،
هذا هو الجهل ..
بينما يبدو كلّ شيء الآن على حقيقته،
وبينما يذوي كل ما حاول بنو البشر خلقه،
وبينما الظلمة تختزل البُنيان،
نشيّد وحدنا عالماً صغيراً
لم تطأ فيه غير حقيقةٍ واحدة؛
"أحبكِ" .
.............
قبيلةٌ من أعين الفراشات
تعلّمتُ منذ أن كنتُ فراشةً
كيف أركض بين عينين
أهرب من حبِّ الأولى، لأغرقَ في وهج الثانية
فراشةً صغيرة
لا شأنَ لها بالحروب
ولا شأنَ لها بالموت المتدلي من النواقيس
منذ أن لمستِ الحبَّ
ومنذ أن تكوّنا .. أن لا شأنَ لها بالألم؛
أركض بين عينيكَ بكلّ ملامحي
حاجبيّ المصففين
أنفي بشكليه
شفتيّ بارتعاشتهما
ووجنتيّ بضيق المسافة مع أصابعكَ،
أركض منذ أن بدأ الشِعر
منذ أن مات المرضى
منذ أن شُفي المحمومون
منذ أن سقط هتلر
منذ سقوط هيروشيما
منذ تفشي الطاعون
منذ تحديد الميلاد
منذ العصور الوسطى
منذ إنسان نياتردال
منذ عصر الأفلام الكارتونية
منذ ضرب شجرة التوت
منذ نشأة ريال مدريد
منذ شرخ كوريا الشمال عن كوريا الجنوب
منذ أن كانت حروب العالم
منذ بحث البشرية عن وهم السلام
منذ أن تناولت البلدان حبوبَ الشرّ
وتقاضت الشعوب سُمّ الدواء
ومنذ أن ..
منذ أن ولدتَ، نشأتَ، وترعرعتَ
منذ أن أحببتَ
أن أحببتُ
أن فعلنا ..
ركضتُ طويلاً..
طويلاً
بين عينيكَ
مثل فراشةٍ
ينجبها الحبُّ ولا تموت.

إنهاء الدردشة
اكتب رسالة...