تحت جسور العاطفة
دلدار فلمز، فنان سوري.
- الأحد 3 تشرين الثاني 2019
أصبتَ في القلب بعصفورٍ طائش
هكذا وصفتَ الأمر
ذات مساء حول طاولة شاي
لقد أصبتَ في القلب
بعصفورٍ طائش!
ونصبتَ سيجارتكَ بين شفتيك..
كمدفع لذّة
أنا أموتُ الآن أموت
في غرفةٍ أخرى وراء بابٍ داكن
ستشاهدون ذلك حين ينقشعُ أيضًا
سحاب الليل من أمام القمر
لا أتألّم.. ما هو الألم!
أهو سلكٌ شائكٌ تجرّه امرأةٌ تحت جلدِك
أم شظايا ذاكرةٍ تمزّق عينيك؟!
لا أتألّم..
كنتُ أعترض الطريق بالصّدفة
أطعمُ عزلتي كأنّها كلبُ رعيٍ أحمر
كنتُ أغسل قدميّ
من غبار الطريق الى الغريبات
وأرتّب عظامي
وأصنعُ قهوة.
العمر ملعونٌ يا رفاق..
بلعناتٍ لا نعرفها
سمكٌ في نهرٍ رقيقٍ..
نعيا ولا نظفر به.
أشجارُ خوخٍ نظنّها عقيمة
فنكفّ عن السير باتجاهها
العمر ملعونٌ يا رفاق!
وأنا.. لا أتألّم
****
كيف نتناول الطعام وحيدين!
تربيتة على الكتِف..
أو طعنة في الطحال
الطريق هو الطريق..
والشجرة الرخاميّة التي
سترتاح في ظلّها الصلب
وحيدة.. وحيدة
ما الذي سيزيد على سعال الليل
أو قرف الاستيقاظ من جديد
ثمّة جدارٌ.. وعليه خريطة التفاهة
أين ضيّعت حقائبَ السفر القديمة
حين ظننت أنّك راسخٌ هنا
ملأتها ترابًا.. وزرعت بصلًا ونعناع
لقد ذكّرتني الآن..
كيف نتناولُ الطعام وحيدين..
كحصانٍ في إسطبل
****
تحت جسور العاطفة
ملأى بهم
خاويةً منّا
لسنا مختبئين على الأقلّ..
تحت الكراسي الخالية
أو محشورين..
بين صناديق اللذّات المنصرمة
بينما يتطاير الحزن كزجاجاتٍ فارغة
ويتهشّم على الجدران
جرّبنا كل أشكال الدفاع عن الجنون
لأنّنا ببساطةٍ مجانين
رأينا الذين تساقطَت أعينهم كالبلّوط
على الشراشف
رأينا الذين طارت دموعهم كالسكاكين
على جسدِ بهلوانةٍ غجريّةٍ مصلوبة على دولاب
والذين
ناموا تحت جسور العاطفة
وما ظلّ شيءٌ في الليل
لم ينبح عليهِم
رأينا
ورأينا
حتى صارت عيوننا
كالمداخن
****
حريق
أيّها الحريق الطازج
داخل المنزل
أيّها الحريق الطازج داخل القلب
وفي الباحة حيثُ كدّسنا كراكيب العمر
وعلى الكتف..
حيث عناقاتٌ رخيّةٌ تتدلّى
الدخانُ الأسودُ في العينين
الدخان الأسود فوق اللسان
نصعدهُ كالسلالم إلى طابق الخفّة والتلاشي..
لا شيء ثقيلٌ إذًا
لا شيء خطير...