النّسويّة والشّعر
أسماء فيومي، فنانة سورية.
- الأربعاء 28 آب 2019
تطفو في هذه الأيّام، أسئلة شتّى حول المرأة/الشّاعرة، والذّكر/ الشّاعر، في محاولة للشّكوى من اللاعدالة التي تصطبغ بها جلّ الممارسات الذّكوريّة، وربّما كلّها حول قيمة دور المرأة في الحياة، ولكن وفي الشّعر وربّما كافّة الفنون، لا يمكننا القفز بين المساواة والعدالة كيفما نشاء، فإمّا المساواة التي تفرز عدالة مرتبطة بجوهرها الحقوقيّ، أو عدالة تفرز مساواة مشروطة بالاستبداد.
نعم هكذا وبهذه الحدّة، خطّ أحمر صريح يفصل بين الحالين، إذ لا معنًى حقيقيًّا من الإشارة إلى خلوّ مجلّة شعر من الشّاعرات، أو بالتّحديد عدم إقدام مجلّة شعر على التّرويج لشاعرات لأسباب ذكوريّة، وهذا ليس عادلًا بالحقيقة، ولكن هل المساواة كانت متوفرة آنئذ؟! أو حتى مقبولة! وهل معيارها هو ما يتمّ قياس المظالم به الآن؟ لتبدو العدالة المقصودة يومها والآن أيضًا كمطالبة بالإعالة، وهو مطلب ناسف للمساواة!
السّؤال الذي يبدو بلا جواب أو موقف هنا هو حول خصوصيّة شعر المرأة وتمايزه عن شعر الرّجل، ليتحوّل تشاكيًا، لموضوعة تظالميّة من خارج الشّعر أو حتّى الفن، إذًا لماذا شعر المرأة يجب أن يكون متعرّضًا للتمييز الإيجابي دون مساواة؟! وليس لوحة المرأة ولا تصاميمها الفنّية أو العلميّة أو الصّناعيّة التي يتقبّلها العالم دون تمييز؟
للشّعر الجيّد قيمة بصرف النّظر عن جنس منتجه، ووجود المرأة هو وجود موضوعيّ، وليس وجودًا تزيينيًّا أو خيريًّا، وعندما تقرر ممارسة الشّعر فهذا يعني تعاقدها مع بيئة الشّعراء، والتّعاقد يتمّ بين متساويين، وإلّا سوف نواجه قريبًا وانطلاقًا من المعيار "الجندريّ"، شعراء بمطالب جنسانيّة مختلفة، وهذا ما يقتضي تصنيفًا جديدًا للشّعر! أو تعريفًا مستحدثًا له.
لم تظلم شاعرة بشعرها، فمريانا مراش ألقت الشّعر من منبر في أواسط القرن التّاسع عشر في حلب وكذا الكثيرات ممّن اقتحمن "التابو" الاجتماعيّ، ولكن الشّاعرة ظُلمت كامرأة في ثقافة حقوقيّة شوهاء لا تستطيع تقدير قيمة المساواة واستحقاقاتها.
ولمّا تزل الكثير من الشّاعرات يفضلن الرعاية (الإعالة) كحقّ رومانسيّ وواجب رجاليّ، بعيد عن المساواة واستحقاقاتها.
لقد حقّقت الشّاعرة حضورًا بهيًّا في الشعر البهيّ، وهذا لا يعفيها من النّقد والانتقاد، والقبول والرّفض،على قدم المساواة مع الرّجل، ولربّما مع أجناس أخرى لا يمكن استبعادها من الحياة الدّنيا.