كلّما أحببتُ طيرًا خانني ومضى في السماء
جبر علوان، فنان عراقي.
- الأحد 25 آب 2019
الآياتُ تُتْلى،
وفي بحّة المغنّي سؤالٌ عن جدوى الحياة.
تذهبُ الرّوح إلى مُطلقٍ، فوق درجاتِ الأَبَدِ.
لا تسألوا كم طيرًا فرَّ منها،
ولا كم من نهرٍ جَرى...
طاقةُ الزمن تُعيد تشكيلَ أنفاسي:
أحبُّ الضعفَ كي يحبّني الله
أحبُّ القوّةَ كي لا أحبّ الله.
أهذا اختبار القوّة أم اختبار الضعف يا الله؟
صوتي يمرُّ في غابةٍ عالية،
النّارُ تحرقهُ، الرمادُ صداه
فلا ألمسُ الموتَ ولا ألمسُ الحياة،
رائحةُ البارودِ، أنفاسُ الناس.
كلّما أحببتُ طيرًا خانني ومضى في السماء.
ليسَ لي يد فيما أنا فيه
رغبتي أشجارٌ معمّرة.
تنفسّتُ حتى اخضرّتْ غابةُ الأرض
حتى اشتعلتْ،
وصارتْ رمادًا..
تؤنسني هذه الحيرةُ أحيانًا، وصدري رياح.
أُطيل النظرَ إليها،
أمْعنُ في ساقيها تلك التي ركضتْ طويلًا أمامي،
الأولاد صاروا حديقة.
ماذا نفعل بالحلم العجوز؟
على عكّازهِ يروحُ ويجيء
يذكّرني بالقلاعِ
والصفصاف
والورد
والنهر
والركض تحتَ المطر،
كنتُ ساحرةً مجنونة
تؤمن بأنّ الشَعر يطول تحت المطر
وكقطٍّ صغيرٍ مبلّل أعودُ إلى البيت...
الآن.. الآن..
فقط زنزانةٌ في الرأس أطلُّ منها إلى البعيد.
يقولون عنها: مركز الرّصد ومركز النسيان.
على جسرٍ يتأرجحُ بين الماضي والحاضر،
الأمواج تعلو في ذاكرةٍ مهجورةٍ،
المسافةُ بين الحنجرة واللسان مقطوعة
لا تقلْ للرّيح: أنتِ مجنونةٌ
ولا للسفر الطويل: متى تعود؟
خبِّئ عطركَ في أنفاسِ الريح،
لا بدّ أن ترجعَ مع كلّ هبوب.
وكلُّ طريقٍ لا بدَّ من إيابٍ سوف يعود.
خمرتي أشربُها مع الماءِ والملح
العنبُ صارَ أطول منّي، وما من يوم سَكرْتُ
انهضْ أيّها الغيبُ:
قلْ للحاضرِ أنّ اليقظةَ أوسعُ من منام فقير.
هكذا نحلم بالرّوض البعيد
لا انتحارٌ يأخذنا إليه
ولا حبٌّ،
ولا حتّى الخيالُ العنيد.