الجمعة 22 تشرين الثاني 2024 | 0:43 صباحاً بتوقيت دمشق
علاء زريفة

سينوغرافيا سام

سينوغرافيا سام
سبهان آدم، فنان سوري.
  • السبت 24 آب 2019

لولا هذه الرشفة الأخيرة
لأخذتنا الثمالة معًا
لولا صراخك بهم... لا
ما انتفض الجرح في صدري، حتى أنت
كنت منّي، وكانت لنا الحياة قطرةً، قطرة
فلماذا اخترتها هي؟
وعصرتني في كأسٍ واحدة
لن تهلك عطشًا، خدعوك للمرّة الألف وبقيت حيًا.
اليد الباردة تلوّح لبدء السمفونية
عازف الكمان يرسم الأفق نغمًا
ووسادة روحك المحشوّة بسحبِ الفراغ والشّجن.. تطفو، أعلى فأعلى
الإيقاع ارتجال..
أو نزف معتّق بشرارة الموسيقا
كلانا واحد..
تحت هذه السماء البنفسجيّة
فمن سينقذني من ورطة هذا المتشابه؟
من يرفع عنّي هذه الصخرة الاسفنجيّة؟
من يرقص أوّلًا أنا أم ظلّي؟
النار البهيميّة تستطير حولي وحولك
لا أحد، لا هاوية
والآخرة.. مجاز تحت قبّعة
وذلك الصوت جافّ كغصن رمّانٍ يابسٍ
ومرتجف.. حتى العظم
يدفع بمزيد من الحطب
أنت تصير آخرًا
تقف في الصّف الأخير
وأنا الممثّل الوحيد على الخشبة
فيا أيّها المجبول من صلصالي
إنّ جدار وعيك صامدٌ كجبلٍ
وزجاج نافذتي قد تحطّم
والهبوب في ترحالها قادتني إلى حفلةٍ تنكريّة
مزدحمة بالآلهة وأنصافهم
والبشر وما تبقّى منهم
نجمة ذلك المساء تفاحةً ذهبيةً
والبقيّة الباقية منّي
رميتها أثناء الطريق إلى أورشليم
تركتها تغرق في طوفان دمعي
لتصير بعدي..
حطبًا رخيصًا لنارنا
نرقص حولها أنا وأنت
حين احترق ظلّي..
العين كانت تبصر الأوليمب
ويد زيوس الفارغة إلا من أعواد الصبر
أصابع النار المقدّسة تلتهم حشيش الحقد الإلهيّ
والخلود..
أو التّعذيب محمولًا على عربة الأبد..
جفّت أقداحه بعد سبعة أيّامٍ وستّ ليالي
سقطت الحياة دفعةً واحدة
استفاق ظلّي، يدك في العتمة المشوبة بذرّات اليقين
تمتدّ من النهايات نحوي
لتصرخ بي..
حتى أنت
أنا أحلّق بجناحين من ضوء
فوّهة الهاوية.. أقرب
وشبه موت لولا أنّه جاء متأخّرًا
يستعير إيقاع الضجيج
وشكل الأشباح الملوّنة
يقيم عرسًا يحضره مجانين
يلبسون أجسادهم فقط
ويخفون وجوههم خلف ابتساماتٍ سوداء
فلا تخطئه يا أخي..
يا ابن أبي وأمي
تلك الأسنان الصفراء لا تضحك أبدًا
ولا تندم
مقترنًا بثنائيّات الكمان
الوتر الأخير مشدودٌ إلى الرقبة
يتجزّأ اللحن سحبةً، سحبة في الحنجرة
والتقطّع.. دوران متهتّك تتلوه شهقة، فزفرة
وقبل الإغماضة الأخيرة
ينتفض الحبر في ساعديك أو بينهما
فلا تجفل يا أخي ..
ليس للموت سيناريو مؤكّد
إنّما احتمالٌ يختال بحلّةٍ أرجوانيّة
الاستثناء قبلةً نتبادلها بصمتٍ
قبل لحظتين من وداع
قل: لست هو
أرفع يدك العمياء
واجعل من دمي زادك
وملح بقاء
قد عرفت من أيّ ماءٍ أنا
فاشربني وتعمّد
قد أدركت أنّي باء البدايات
في أبجديّةٍ غير قابلةٍ للتلف أو النسيان
جديرٌ أنت بها.. وبي
لنمت، لنحيا يا أخي
لن أصرخ.. حتى أنت
شبه حب
والحبّ شعلة نحملها براحتنا
ونطير بها سطح القمر
ليصدح المنشد قليلًا في صدرٍ أندلسيّ
ويبكي كثيرًا
ولترتجف الكلمة في فم فينوس
حدّ التأوّه والانتشاء
فتخلق النطفة
طفلة جميلة بعيونٍ خضرٍ
وكبقيّةٍ من حب
أو زوبعة خفيفة في فنجان
تتمايل غصون الليلك
يصغي الأقحوان بلا اهتمامٍ
أخلع نفسي قطعةً، قطعة
وأقف عاريًا أمام امتداد الأزرق في عينيها
أغرق بلا إرادةٍ
حتى آخر شعرةٍ في رأسي
وحين أفقد القدرة على التنفّس
تصرخ بي.. حتى أنت!
أشبه بالحب
لا النهر يفيض ولا الضّفاف تتحوّل
تلك التلال السّبعة تحمل سرّنا
وهذا القميص المدمى بك .. يكبّلني
لا الذئب ولا حماقةُ البشريّ
ولكنّه أنا وأنت!
حين التاج صارَ رأسًا
يتصاعد النبر.. مغلّفًا بالسحر
السوبرانو سيّد المسرح الأخير
يتشظّى في الحضور
ينقلب ترتيلًا.. لقد قام
وجيب قلبك.. أهابنا
شفيفًا مقطّرًا على خدّها الورديّ
ينتصر الصّباحُ
وهذا الضوء العاموديّ يجعلنا بلا ظلالٍ
صار الدم.. نبيذًا
صار الطين.. خبزًا
فليتمجد اسمها المقدّس.. الحياة.